فائدتان عظيمتان في إيقاع الخلق في الذنوب أحياناً
و في إيقاعهم في الذنوب أحياناً فائدتان عظيمتان :
أحدهما : اعتراف المذنبين بذنوبهم و تقصيرهم في حق مولاهم و تنكيس رؤوس عجبهم ، و هذا أحب إلى الله من فعل كثير من الطاعات ، فإن دوام الطاعات قد توجب لصاحبها العجب . و في الحديث : لو لم تذنبوا لخشيت عليكم ما هو أشد من ذلك العجب . قال الحسن : لو أن ابن آدم كلما قال أصاب ، و كلما عمل أحسن ، أوشك أن يجن من العجب . قال بعضهم : ذنب أفتقر به أحب إلي من طاعة أدل بها عليه ،أنين المذنبين أحب إليه من زجل المسبحين ، لأن زجل المسبحين ربما شابه الإفتخار و أنين المذنبين يزينه الإنكسار و الإفتقار ، في حديث : إن الله لينفع العبد بالذنب يذنبه . قال الحسن : إن العبد ليعمل الذنب فلا ينساه و لا يزال متخوفاً منه حتى يدخل الجنة . المقصود من زلل المؤمن ندمه ، و من تفريط أسفه ، و من اعوجاجه تقويمه ، و من تأخره تقديمه ، و من زلقه في هوة الهوى أن يؤخذ بيده فينجى إلى نجوة النجاة .
قرة عيني لا بد لي منك و إن *** أوحش بيني و بينك الزلل
قرة عيني أنا الغريق فخـــــذ *** كف غريق عليك يتـــــــكل
الفائدة الثانية : حصول المغفرة و العفو من الله لعبده ، فإن الله يحب أن يعفو و يغفر و من أسمائه الغفار و العفو و التواب فلو عصم الخلق فلمن كان العفو و المغفرة . قال بعض السلف : أول ما خلق الله القلم فكتب : إني أنا التواب أتوب على من تاب . قال أبو الجلد : قال رجل من العاملين لله بالطاعة : اللهم أصلحني صلاحاً لا فساد علي بعده ، فأوحى الله تعالى إليه : إن عبادي المؤمنين كلهم يسألوني مثل ما سألت فإذا أصلحت عبادي كلهم فعلى من أتفضل ، و على من أعود بمغفرتي . كان بعض السلف يقول : لو أعلم أحب الأعمال إلى الله لأجهدت نفسي فيها ، فرأى في منامه قائلاً يقول له إنك تريد مالا يكون إن الله يحب أن يغفره . قال يحيى بن معاذ : لو لم يكن العفو أحب الأشياء إليه لم يبتل بالذنب أكرم الخلق عليه .
يا رب أنت رجــائي *** و فيك حســـــنت ظني
يارب فاغفر ذنوبي *** و عافني و اعف عني
العفو منـــــك إلهي *** و الذنب قد جــاء مني
و الظـن فيك جميل *** حقق بحــقك ظـــــــني
لطائفُ المَعارف
فيما لمواسم العام من الوظائف
الحافظ إبن رجب الحنبلي