• مرحبا ٬ في حال تعتذر تسجيل الدخول ، يرجى عمل استرجاع كلمه المرور هنا

إسهامات العرب و المسلمين في طب الأسنان

أجمل احساس

๑ . . عضو ماسي . . ๑
التسجيل
25 أكتوبر 2004
رقم العضوية
2334
المشاركات
1,600
مستوى التفاعل
49
الجنس
الإقامة
جميرا
إسهامات العرب و المسلمين في طب الأسنان

د. سوسن القواص، أستاذ مشارك، رئيس قسم علوم الفم والقحف الوجهي، كلية طب الأسنان، جامعة

ملخص البحث:
تعامل العلماء المسلمون مع جسد الإنسان كوحدة مترابطة، وقدموا العديد من المؤلفات الطبية التي تناولوا فيها موضوعات في طب الأسنان باعتبار أن الفم والأسنان جزء لا يتجزأ من الجسم البشري. ونجد في أغلب المؤلفات الطبية في العصر الذهبي للإسلام (القرون الوسطى) فصولاً تبحث في أمراض الفم والأسنان وطرق علاجها. وعلى الرغم من غزارة هذه المؤلفات الطبية والمنهج العلمي الذي اعتمده العلماء المسلمون في تشخيص الأمراض وعلاجها، وإبداعاتهم العلمية في صنع الأدوات السنية والجراحية، واكتشافهم لطرق المعالجة بالأعشاب والأدوية وغيرها، فإننا نجد القليل من الأبحاث العلمية التي تلقي الضوء على هذه الإبداعات. كما انه وبالرغم من وجود بعض الأبحاث التي لم تغفل إسهامات العرب والمسلمين ودورهم في تطور علوم الطب في الغرب، إلا أن معظم الكتب والكتاب الغربيين يميلون إلى عدم ذكر الدور الريادي للأطباء المسلمين العرب. وفي بعض الأحيان، إذا تم ذكرهم في صفحات قليلة من تاريخ الطب، نجد التركيز على دورهم في ترجمة المؤلفات اليونانية متغاضين بذلك عن الإبداعات العلمية الطبية التي قدموها للبشرية.
ونهدف من خلال هذا البحث إلى تسليط الضوء على إسهامات العرب والمسلمين في مجالات طب الأسنان واكتشافاتهم العلمية التي كان لها اثر كبير في تقدم علوم طب الأسنان والتي يغفل عنها معظم كتب تاريخ الطب وطب الأسنان في العالم.
مقدمة :
من المعروف أن العلوم الحالية لم تتطور من العدم، و تعتبر علوم طب الأسنان العصرية نتاجا لإسهامات عديدة من العلماء والأطباء على مدى قرون من الزمن. وليس الهدف من هذا البحث أن نقول بأن علوم طب الأسنان الحديثة قد بنيت فقط على ما قدمه الأطباء المسلمين، بل الهدف هو توضيح دورهم وإبراز جهودهم و اكتشافاتهم التي ساهمت في تطوير هذا العلم. وقد بنى الأطباء العرب معلوماتهم على الكتب اليونانية والرومانية والهندية والفارسية التي قاموا بترجمتها ونقلها إلى الأمم التي جاءت بعدهم. ولا يقتصر دور الأطباء العرب والمسلمين على ترجمة ونقل هذه العلوم بل الأهم من ذلك أنهم قاموا بتصحيح هذه المعلومات وتطويرها ومن ثم تسجيل اكتشافاتهم الجديدة في كتبهم وأبحاثهم التي كان لها دورا هاما في تقدم الطب الأوروبي الحديث. ونستشهد على ذلك بقول البارون دوبور، من أهم مؤرخي الطب في العصر الحديث، " كان الطب معدوما فأوجده أبقراط، وميتا فاحياه جالينوس، ومتفرقا فجمعه الرازي، وناقصا فأكمله ابن سينا". و يفيد الباحث أمجد هندي في ختام بحثه حول دور العرب في تقدم علوم الطب أن عبارة البارون دوبور السابق ذكرها لم تعط الأطباء العرب كل ما يستحقونه (أمجد هندي، 1997).
تطور علوم طب الأسنان عند العرب والمسلمين:
كان الأطباء العرب الأوائل يعتبرون طب الأسنان جزء من الطب البشري العام، ولذلك نجد في معظم كتبهم فصولا تصف أمراض الفم و الأسنان وطرق علاجها. والأطباء المسلمون كانوا روادا في طب الأسنان و خاصة في ترميم وجراحة الأسنان.
وقد بدأ طب الأسنان بشكل مبكر عند المسلمين الذين قاموا بشد الأسنان السائبة بواسطة أسلاك ذهبية لتثبيتها، وأول من شدوا أسنانهم كان الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه (أمجد هندي، 1997). وأول الأطباء المسلمين المعروفين الذين وصفوا طرق تثبيت الأسنان بخيوط الذهب هو أبو القاسم الزهراوي إذ يقول " اذا عرض للأضراس القديمة تزعزع وتحرك عن ضربة أو سقطة، و لا يستطيع العليل العض على شئ يؤكل، و عالجتها بالأدوية القابضة فلم ينجح فيها العلاج، فالحيلة أن تشد بخيط ذهب أو فضة. والذهب أفضل لان الفضة تتعفن بعد أيام، والذهب باق على حاله أبدا" (الفاضل عمر، 1989). ويعتبر كتاب التصريف الذي ألفه أبو القاسم الزهراوي حوالي عام ( 1100 م ) من أوائل الكتب التي شملت شرحا مفصلا عن جراحة الاسنان (هنري نوبل، 2002).
ونبغ الأطباء المسلمون في جراحة الفم و الأسنان وعمليات الخلع ووصفوا الآلات الجراحية التي استخدموها لهذه الأغراض. وكانت آلة خلع الأسنان عندهم تسمى الكلابة وهو نفس الاسم الذي نستخدمه حاليا في طب الأسنان. وكتب الاطباء المسلمون أيضا عن التهابات اللثة و أمراض اللسان والقروح التي تصيب الغشاء المخاطي. ووصف أبو جعفر بن الجزار القلاع وابتكر طرق جديدة في علاجه (الفاضل عمر، 1989). كما وصف بن الجزار في كتابه (زاد المسافر و قوت الحاضر) طرق علاج النخور السنية ونصح باستخدام الزرنيخ في مداواة عصب الأسنان. وبذلك يكون بن الجزار قد قدم أول علاج لنخور الأسنان في كتابه الذي ترجم لاحقا الى اللاتينية عن طريق اوغستين الافريقي من مدرسة سالرنو (سلمى المهدي، 2003). وعرف الأطباء المسلمون الحَشْوات المصبوبة واستخدموا لصنعها عظام الحيوانات أو العاج ويصف أبو الحسن الطبري ذلك فيقول: "ومن الأطباء من ينحت من عظام الفيل جسمًا مدملجًا عريض الرأس لطيفًا فيهندمونه في الثقبة". واستخدم الأطباء المسلمين المثقاب لفتح السن، والمجرفة لتجريف العاج المتلين داخل حفرة النخر، والمبرد لتنعيم جدران الحفرة، والازميل لتسوية جدران الحفرة، وبعض هذه الأدوات ما يزال يستخدم في مداواة الأسنان حاليا.
ونصح الأطباء المسلمون القدامى باستخدام بزر البطيخ المدقوق مع القرنفل وملح الطعام لتسكين الألم السني، وهذه المواد لا تزال تستخدم في التخفيف من ألم الأسنان (أمجد هندي، 1997).
و تحدث الأطباء عن أهمية العناية بالأسنان واستخدام السواك الذي حث عليه حديث نبوي شريف يقول " لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة" وكذلك استخدام العسل والملح المحروق والفحم في تنظيفها (عيسى اسكندر المعلوف، 1925). و يقول الطبري عن طريقة تنظيف الأسنان من الجير "وأما جرد الأسنان فاعلم أن الأسنان قد تعلوها من داخل و خارج قشور خشنة قبيحة المنظر. وقد تسود وتصفر وتخضر حتى يصل ذلك الفساد الى اللثة وتتغير لأجله رائحة الفم. وفي مثل ذلك الوقت ينبغي أن ينقى البدن ثم الرأس، ثم بعد ذلك تجرد. وهو أن يجلس العليل ويجعل رأسه في حجر الجارد، وتجرد الأسنان من جميع جوانبها حتى تنقى جميعها" (الفاضل عمر، 1989). وهو بذلك كأنه يصف عملية تقليح الأسنان التي يقوم بها حاليا أطباء الأسنان وأخصائي معالجة اللثة.
ومن الصعب التحدث في هذا البحث عن إسهامات جميع الأطباء المسلمين في علوم طب الأسنان المتعددة ولذلك سنقوم بعرض اكتشافات متميزة لبعض العلماء الذين تم ترجمة كتبهم إلى اللغات الأجنبية و اعتمادها كمصادر أساسية في الجامعات الأوربية لغاية القرن السادس عشر، وظل " كتاب ابن سينا المادة الأساسية للدراسة الطبية في جامعات لايبزيغ و توبنجن في القرن الخامس عشر الميلادي، وجامعات فينا في القرن السدس عشر الميلادي" (فرج محمد الهوني، 1986).وقد اخترنا ثلاث من أعظم واشهر الأطباء العرب والمسلمين في الفترة الذهبية من التاريخ الإسلامي وهم الرازي ، و الزهراوي، و ابن سينا.

إسهامات أبو بكر الرازي في علوم طب الأسنان (251 - 313هـ/ 865 – 925م):
قال عنه المؤلف جورج ساتورن الذي يعتبر من أهم المؤرخين في تاريخ العلوم " لقد كان الرازي من أعظم الأطباء في الإسلام وفي القرون الوسطى". كتب الرازي ستة وخمسين مؤلفا في الطب ويعتبر كتاب "الحاوي في الطب" من أهم مؤلفاته. وقد جمع فيه كل المعلومات الطبية التي حصل عليها من الأطباء السابقين والمعاصرين له بالإضافة إلى المعلومات التي جمعها من خلال ممارسته للطب فكان بمثابة موسوعة طبية كاملة. وقد نسب الرازي في هذا الكتاب كل شيء إلى صاحبه مما زاد من أهميتة العلمية وظل المرجع الأساسي في كليات الطب الأوروبية لمدة تزيد عن ستة قرون، وقد قال عنه أحد المؤرخين بأنه "أصغر مكتبة في العالم" (جوزيف كلاس، 1995)
يعتبر الرازي من أوائل الأطباء الذين وصفوا وجع الأسنان بدقة إذ يقول "الوجع في السن إذا كان في العصبة أحس بالوجع غائرًا، وفيه شيء شبيه بالضَّرس واشتكى من الفك". وينصح الرازي باستخدام المثقاب لفتح السن وتخفيف الألم "إذا اشتد الوجع فبَخِّر فم العليل ينفع، فإن لم يسكن فاثقب وسط السن بمثقب دقيق وقَطِّر فيه الزيت المغلي مرات". واستخدم مادة الزرنيخ والتي مازالت تستخدم حتى الآن لإماتة العصب وتهدئة الألم في الأسنان، ويصف الرازي ذلك بقوله: "في الأسنان المتآكلة يذاب زرنيخ أحمر بزيت، ويُغلى ويُقطر منه في أصل السن وأُكاله". و كان الرازي يدرك تأثير الحوامض على الأسنان فيوصي بالابتعاد عنها واستعمال القابضات لتمكين السن ومنع اهتزازه. وكان يوصي بتشطيب اللثة في بعض الأحيان وتسكين الألم بالأفيون أو عطر الورد (أحمد شوكت الشطي 1956) .
إسهامات الزهراوي في علوم طب الأسنان (328-404 هـ/936-1013م):
قال عنه الطبيب الاسباني غارسيا بالستر" أن أبا القاسم كان بلاشك أعظم جراح مسلم في القرون الوسطى، وكان نقطة البداية في الجراحة الأصلية للجمجمة، في اسبانيا و دول أوروبا الغربية" (أمجد هندي، 1997).
لقد كان ابو القاسم الزهراوي الأندلسي أعظم جراح في العالم الإسلامي ومخطوطه " كتاب التصريف لمن عجز عن التأليف " اعتبر مرجعا أكاديميا في العالم الإسلامي وأوروبا وتمت ترجمته إلى اللاتينية في القرن الثاني عشر وظل إلى بداية عصر النهضة أساس الجراحة في أوروبا. ويحتوي كتاب التصريف على، حوالي مائتي آلة جراحية موصوفة ومرسومة، الكثير منها من اختراعه هو، فهناك أشكال عديدة للصنانير والمشارط والمسابر والمجارد ، والجفوت والكلابيب، والمثاقب والمدسات ويحتوي كتابه بالإضافة إلى ذلك على أول صورة في التاريخ للمقص الحقيقي، إلى جانب صورة لأول محقن في التاريخ الطبي، وكان يسمى زراقة. ويعتبر كتابه هذا أول كتاب علمي مصور في تاريخ الطب وهو يتسم بالوضوح والبعد عن النظريات. (حمارنة، 1983)
وقد طور الزهراوي ما نعرفه اليوم بالجراحة العامة ككل، وفروعا عديدة من الجراحات الخاصة كالمسالك البولية والتجميل والأنف والأذن والحنجرة وجراحة الفم والأسنان. و وصف الزهراوي العديد من الإجراءات السنية مثل قلع الأسنان وتثبيتها و إعادة غرسها واستخدام التعويضات السنية. وكتب في جرد الأسنان او تنظيفها بأدوات او مجارد متعددة تشبه ما يستخدم حاليا في جراحة اللثة " واعلم أن الضرس يحتاج إلى مجارد مختلفة الصور كثيرة الأشكال على حسب ما يتهيأ لعملك من أجل أن المجرد الذي يجرد به الضرس من داخل غير المجرد الذي يجرد به من خارج والذي يجرد به بين الأضراس على صورة أخرى، وهذه عدة صور تكون عندك كلها معدة". (سبنك ولويز، 1973).
وعلى الرغم من أن الزهراوي كان جراحا فانه نادى في الفصل الثلاثين من كتابه بعدم قلع الأسنان إلا بعد استنفاذ فرص المعالجة" ينبغي أن تعالج الضرس من وجعه بكل حيلة وتتوانى عن خلعه فليس منه خلف إذا قلع لأنه جوهر شريف" ووصف طريقة القلع بصورة مفصلة "ينبغي أن تشرط حول السن بمبضع فيه بعض القوة حتى تحل اللثة من كل جهة ثم تحركه بإصبعك أو بالكلاليب اللطاف أولا قليلا قليلا حتى تزعزعه ثم تمكن حينئذ من الكلبتين الكبار تمكينا جيدا ورأس العليل بين ركبتيك قد ثقفته لا يتحرك ثم تجذب الضرس على استقامة لئلا تكسره". كما وصف الألم المتنقل، وربما كان أول وصف له في التاريخ الطبي، الناجم عن الأسنان وحذر الأطباء من قلع السن السليم عوضا عن السن المسبب للألم "فينبغي إذا عزم العليل على خلعه أن تتثبت حتى يصح عندك الضرس الوجع، فكثيرا ما يخدع العليل الوجع ويظن أنه في الضرس الصحيح فيقلعه ثم لا يذهب الوجع حتى يقلع الضرس المريض، وقد رأينا ذلك من فعل الحجامين مرارا، فإذا صح عندك الضرس الوجع بعينه". و تعتبر هذه المعلومات حول قلع الأضراس صحيحة و تتميز بالدقة العلمية، وتشبه المعلومات التي تدرس حاليا لطلبة طب الأسنان.
والفصل الحادي والثلاثون في قلع أصول الأضراس وإخراج عظام الفكوك المكسورة يظهر لنا عبقرية الزهراوي وقدرته على الابتكار، فلم يسبق لأحد أن كتب عن هذا الموضوع بهذا التفصيل وتلك الدقة التي تدل على خبرة هائلة وهو يصف عدة آلات " واعلم أن آلات الأضراس كثيرة وكذلك سائر الآلات لا تكاد تحصى والصانع الدرب الحاذق بصناعته يخترع لنفسه آلات على حسب ما يدله عليه العمل والأمراض أنفسها لأن من الأمراض ما لم تذكر له الأوائل آلات لاختلاف أنواعها، فإن انكسر عظم من الفك أو من عظام الفم أو تعفن ففتش عليه في موضعه بما يصلح له من أحد هذه الآلات والكلاليب التي ذكرت في إخراج الأصول"
والفصل الثاني والثلاثون هو أول ما كتب في تاريخ الطب عن تقويم الأسنان الذي أصبح الآن علما قائما بذاته، وفيه يتحدث الزهراوي عن نثر الأضراس النابتة على غير مجراها" فينبغي أن تنظر فإن كان الضرس قد نبت من خلف آخر ولم يتمكن نشره ولا برده، فاقلعه، وإن كان ملصقا بضرس آخر فاقطعه بهذه الآلة وهى تشبه المنقار الصغير. ولتكن من حديد هندي حادة الطرف جدا ويكون قطعك له في أيام كثيرة لصلابة الضرس ولئلا تزعزع غيره من الأضراس، وأما إن كان نابتا متمكنا لبرادته بمبرد ويكون كله من هندي ونصابه رقيق النقش جدا يكون كالمبرد الذي تصنع به الإبر، تبرد به الضرس قليلا قليلا في أيام كثيرة برفق لئلا تزعزع الضرس فيسقط ثم تلمسه آخر أو تجرد ببعض المجارد، وإن كان ضرس قد انكسر منه بعضه فكان يؤذي اللسان عند الكلام فينبغي أن تبرده أيضا حتى تذهب بخشونة ذلك الكسر ويستوي ويملس ولا يؤذي اللسان ولا يفسد الكلام ".
ويحتوي كل فصل من فصول " التصريف " من رسم لآلة أو أكثر من الآلات الجراحية، وقد سبق الزهراوي بذلك كافة المؤلفين في الطب من قبله، فمهما بلغت دقة الوصف وتفاصيله فهي لا يمكن أن تغنى عن شكل الآلة ورسمها والكتاب يحتوي على حوالي مائتين آلة جراحيه. ". (مرفقا صورة عن رسوم الأدوات الجراحية للزهراوي).

إسهامات ابن سينا في علوم طب الأسنان (370 - 428هـ/980 – 1037م):

يقول عنه اوسلر " انه واحد من أعظم العلماء في تاريخ الطب" وقال عن اشهر كتبه القانون " لقد بقي كتاب القانون بمثابة انجيل للطب خلال فترة دامت أكثر من أي كتاب أخر ". وقد أفرد ابن سينا فصولا خاصة بعلاج الأسنان وأمراض الفم واللسان. (أمجد هندي، 1997).
كان ابن سينا واضحًا دقيقًا في تحديده الغاية والهدف من مداواة نخور الأسنان حين قال: "الغرض من علاج التآكل منع الزيادة على ما تآكل؛ وذلك بتنقية الجوهر الفاسد منه وتحليل المادة المؤدية إلى ذلك". ويذكر كيفية مداواة الأسنان بقوله: "كثيرًا ما يحتاج إلى ثقب السن بمثقب دقيق؛ ليُنَفِّس عنه المادة المؤذية، وتجد الأدوية نفوذًا إلى قعره". وفي موضع آخر يشرح ابن سينا هذه الطريقة فيقول: تؤخذ مِسلة تُحمى وتُغْمَس في ذلك، وتنفذ في تجويف أنبوب متهندم على السن الوجعة حتى تبلغ السن وتكويها، وقد جُعِلَ على ما حواليها شمع أو عجين أو شيء آخر يحول بين السن وما حواليها من الأسنان والعمور، وقد يُقطر أيضًا في الأنبوب الدهن المغلي.
و يستخدم ابن سينا بعد ذلك مادة الكافور مادة حاشية، ويصفها بقوله: "وقد جُرِّب الكافور في الحشو فكان نافعًا ويمنع زيادة التآكل ويسكن الألم". ولا يفوته أن يوصي عند استخدام المادة الحاشية، فيقول: "يجب أن يرفق ولا يحشى بعنف وشدة فيزيد في الوجع". ووصف الشيخ الرئيس أمراض اللسان ويصنفها فيقول: (قد يحدث في اللسان أمراض تحدث آفة في حركته وقد يحدث له أمراض تحدث آفة في حسه اللامس والذائق وربما بطل أحد حسيه دون الآخر كالذوق دون اللمس وقد يكون مرضا مركبا وربما كانت الآفة خاصة به وربما كانت لمشاركة الدماغ وحينئذ لا يخلو عن مشاركة الوجنتين والشفتين في أكثر الأمر وربما شاركه سائر الحواس إذا لم تكن آفة في نفس شعبة العصب الذي يخصه وقد يؤلم أيضا بمشاركة المعدة وأحياناً بمشاركة الرئة والصدر).
خاتمة:
لقد حاولنا في هذا البحث إلقاء الضوء على بعض إسهامات العرب والمسلمين واكتشافاتهم العلمية التي كان لها أثرا كبيرا في تقدم علوم طب الأسنان والتي يغفل عنها معظم كتب تاريخ الطب وطب الأسنان في العالم. واليوم وبعد مرور أكثر من ألف عام على رحيل هؤلاء العظماء، نتمنى أن يستلهم الأطباء و العلماء وطلبة العلم من سيرتهم وإبداعاتهم العلمية والتي بفضلها نعيش اليوم بصحة أحسن. و نتمنى أن يبدع الأطباء العرب والمسلمين في بلادهم اليوم كما يبدعون في بلاد المهجر الأجنبية وكما أبدع أجدادهم في الماضي.

المراجع والمصادر :
1. ابن سينا : " القانون" ج 1.
2. أحمد شوكت الشطي " تاريخ الطب" مطبعة جامعة دمشق 1965 .
3. فرج محمد الهوني " تاريخ الطب في الحضارة العربية الاسلامية" بنغازي 1986.
4. جوزيف كلاس " مسيرة الطب في الحضارات القديمة" دمشق 1995.
5. عيس المعلوف " تاريخ الطب عند العرب" دمشق 1925 .
6. الفاضل العبيد عمر" الطب الاسلامي عبر القرون" 1989.
7. أمجد هندي " دور العرب في تقدم علوم الطب" 1997.
8. سامي خلف الحمارنة " تاريخ تراث العلوم الطبية عند العرب والمسلمين، 1983
9. Henry W. Noble, PhD (2002), Tooth transplantation: a controversial story, History of Dentistry Research Group, Scottish Society for the History of Medicine.
10. Salma Almahdi (2003), "Muslim Scholar Contribution in Restorative Dentistry", Journal of the International Society for the History of Islamic Medicine 2, pp. 56-57.
11. Ezzat Abouleish, "Contributions Of Islam To Medicine", in Shahid Athar (1993), Islamic Perspectives in Medicine, Edinburgh University Press, Edinburgh.
12. Hamareh S K in The Genius of Arab Civilisation edited by J R Hayes; 2nd edition, 1983; Eurabia (Publishing) Ltd; pp 198-200
13. Albucasis; On Surgery and Instruments; English translation and commentary
by Spink M S and Lewis G L; 1973
14. George Sarton Introduction to the History of Science (published in 1927)
15. Turner, "Science in Medieval Islam: An Illustrated Introduction" University of Texas .p. 146
 

بنت الذيب

๑ . . عضو ماسي . . ๑
التسجيل
5 ديسمبر 2007
رقم العضوية
8132
المشاركات
1,661
مستوى التفاعل
93
الجنس
الإقامة
دار الحي
رد: إسهامات العرب و المسلمين في طب الأسنان

كل الشكر عالمقدمه الراقية .. فعلا علماء لهم انجازات فظيعه..الله يرحمهم..
 

برنسيسهـ

๑ . . عضو مؤسس . . ๑
التسجيل
10 يونيو 2007
رقم العضوية
6984
المشاركات
16,870
مستوى التفاعل
1,665
الجنس
رد: إسهامات العرب و المسلمين في طب الأسنان

، ، ياهلاا )

ماشا الله انجازات روعهـ

ياحهم والله

ويسلموو ع الطرح الغاوي

ونتريا الزود

فمان الله
 

حلال المشاكل

๑ . . عضو ماسي . . ๑
التسجيل
6 مارس 2008
رقم العضوية
8603
المشاركات
1,691
مستوى التفاعل
278
الجنس
رد: إسهامات العرب و المسلمين في طب الأسنان

معلومات جداااا جميلة
 
عودة
أعلى