سعيد عبدالله آل مالك
๑ . . عضو مجتهد . . ๑
- التسجيل
- 23 يونيو 2006
- رقم العضوية
- 4921
- المشاركات
- 848
- مستوى التفاعل
- 45
- العمر
- 31
- الجنس
- الإقامة
- رؤوس الجبال
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله السميع البصير ، العلي الكبير ، من عز فارتفع ، ودان لعظمته كل شيء وخضع ، منزل الكتاب ، مذل الرقاب ، هازم الأحزاب ، مجري السحاب ، مسبب الأسباب ، لا إله إلا هو إليه متاب ، والصلاة والسلام على من دعى للوحدانية ، وزلزل الله به عروش الوثنية ، خاتم النبيين ، وقائد الغر المحجلين ، وإمام الأولياء الموحدين .. أما بعد
فيقول الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز : (هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيُنْشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ (12) وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلاَئِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَن يَشَاءُ وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ (12) ) وقال أيضاً في سورة النورً : (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَاباً ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَاماً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِن جِبَالٍ فِيهَا مِن بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَن يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَن مَّن يَشَاءُ يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ ) ..
نعم يا عبد الله ، إن الله سبحانه وتعالى هو من يرسل السحاب ، وهو من ينزل الغيث ، فما نزل خير أو شر بقرية إلا بأمره ، فإنما امره بين الكاف والنونِ .. وأعلم وفقك الله أن المنخفضات وغيرها ليست إلا أسباباً ، وإن المطر والشح بأمر الله لا بغيره ، فمالنا لا نسلم أمرنا إلى الله ونترك ما ارتبطت به قلوبنا من تعلق بمتابعة الحالات الجوية ، والمنخفضات القادمة - فما كُتب لنا أتٍ لا محاله - وذلك تجنباً للدخول في باب الشرك الذي ورد في الحديث القدسي فعن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه قال : صلَّى لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة الصبح بالحديبية على إِثْر سماء كانت من الليلة ، فلما انصرف أقبل على الناس فقال : ( هل تدرون ماذا قال ربكم ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر ، فأمَّا من قال : مُطِرنا بفضل الله ورحمته ، فذلك مؤمن بي وكافر بالكوكب ، وأما من قال : مُطِرنا بنوء كذا وكذا فذلك كافر بي ومؤمن بالكوكب ) .
فإن كان قد أصبح من عباد الله مؤمن به وكافر في عهد محمد – صلى الله عليه وسلم – وذلك بسبب قولهم أمطرنا بنوء كذا وكذا ، فكيف بحالنا الآن الذي أصبح قولنا جميعاً - إلا من رحم الله - أمطرنا بمنخفض كذا وبتوقعات المتنبأ الفلاني ، وأصبحنا نتابع الحالات الجوية ، بل أصبحنا نوقن بأن المنخفضات من تأتي بالمطر ، وليس الله القوي الكبير ، فإن لم يتوقع هطول أمطار ، لا نأبه لأي سحابة في السماء ، وكأن الله غير قادر على أن ينزل المطر ، فكيف نريد من الله الرحمة والمطر ، وقد تعلقت قلوبنا بالمخفضات والحالات الجوية !!
فمالنا لا ننظر إلا حالنا ، كم من السحب أحاطت بنا ، وتوقعات الأرصاد تشير إلى أن أمطار غزيرة أتية ، ونحن لها منتظرين ، فإذا بالسحب تتلاشى ، وبالشمس تسطع من جديد ، أما آن لنا أن نعلم ما سبب إنقطاع الأمطار ؟ .. لعلي أجيب على هذا السؤال بإقتباس من إحدى فتاوى الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله .. فقد قال في فتواه : " .. لكنه سبحانه يؤدب عباده المسلمين إذا فعلوا ما يخالف شرعه وعصوا أمره، فيعاقبهم إذا شاء لينتهوا وليحذروا أسباب غضبه، فيمنع سبحانه الفطر، كما منع ذلك جل وعلا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وهو أصلح الناس، وعهده أصلح العهود، وصحابته أصلح العباد بعد الأنبياء، ومع هذا ابتلوا بالقحط والجدب، حتى طلب المسلمون من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يستغيث لهم، فقالوا: يا رسول الله، هلكت الأموال وانقطعت السبل، فادع الله أن يغيثنا، فاستغاث لهم في خطبة الجمعة، ورفع يديه، وقال: "اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا" فأنزل الله المطر، وهو على المنبر صلى الله عليه وسلم أنشأ الله سبحانه سحابة، ثم اتسعت فأمطرت فخرج الناس تهمهم نفوسهم من شدة المطر، فلم يزل المطر حتى جاءت الجمعة الأخرى، فجاءوا إليه وقالوا: يا رسول الله هلكت الأموال، وانقطعت السبل، فادع الله أن يمسكه عنا، فضحك عليه الصلاة والسلام، من ضعف بني آدم، فرفع يديه وقال: "اللهم حوالينا ولا علينا، اللهم على الآكام والضراب وبطون الأودية ومنابت الشجر" قال أنس رضي الله عنه، الراوي لهذا الحديث: فتمزق السحاب في الحال، وصارت المدينة في مثل الجوبة.
فالمقصود أنه صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم أصيبوا بالجدب واستغاثوا، وهم خير الناس، تعليماً من الله سبحانه وتعالى لهم، وتوجهياً لهم ولغيرهم إلى الضراعة إليه وسؤاله عز وجل من فضله والتوبة إليه من تقصيرهم وذنوبهم، لأن تنبيههم بالجدب ونحوه من المصائب توجيه لهم إلى أسباب النجاة، وليضرعوا إليه، وليعلموا أنه هو الرزاق الفعال لما يريد. فإذا لم يتوبوا، فقد يعاقبهم الله سبحانه بالجدب والقحط وتسلط الأعداء أو غير ذلك من المصائب. حتى ينتهوا ويرجعوا إلى الله، ويتوبوا إليه، ما قال عز وجل: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ}...الخ " .
لعلي أطلت عليكم وكثرة الإطالة تقلل القراءة ، لكن موضوع كهذا يجب التحذير منه بمجلدات لا بصفحات نسأل الله السلامة والعافيه من كل شر وشرك .
والله الموفق
كتبه /
سعيد بن عبدالله آل مالك
5/ يناير / 2010