راعي شما
๑ . . مراقب برزات قبيلة الشحوح. . ๑
ذاكرة المستقبل
موزة الواصلة...............................جمعة اللامي
“حياة الشجاع في موته، وموت الجبان في حياته. فموتوا لتعيشوا. والله ما مات كريم ولا عاش ذليل”
(المنفلوطي)
سيرد ذكرها بعد قليل، هذه السيدة التي اسمها: موزة بنت سعيد بن مصبح الشحي، التي عرفتها الشارقة منذ عقود، بعدما جاءت اليها من منطقة “خصب”.
ولقد تعرفت الى “خصب” من الصديق الاعلامي ابراهيم سعيد، الذي ما ان يعود من القاهرة حيث يعمل الآن وزيراً مفوضاً في جامعة الدول العربية، حتى يقول لي: “سأراك بعد عودتي من الأهل في خصب”.
وفي منزل زميلنا ابراهيم سعيد، بمنطقة النعيمية في عجمان، غالباً ما كنت ارى هؤلاء الشباب والكهول الذين أسرني تاريخهم، الشحوح، احفاد “مالك بن فهم” الذين هاجروا من اليمن بعد انهيار السد، ثم نزلوا في اعالي رؤوس جبال الساحل، بعدما استوطنوا وادي “برهوت” في حضرموت ايضاً.
وعندما أستمع الى ابناء رؤوس الجبال، الذين هم من قبيلة “الازد” العربية المعروفة، كما يقول بعض المؤرخين، اتذكر مفردات كثيرة من لهجة عرب أهوار العراق، واتذكر ايضاً تلك السمات المشتركة في حياة رجال المستنقعات العراقية، وحياة أهل رؤوس الجبال: الكبرياء، والتعاضد الاجتماعي ونصرة المظلوم، ونشدان الحق.
وللفقيه ابن حزم الاندلسي الظاهري، اقوال نفيسة في الشحوح، فمن يريد استزادة فهناك زوادة معتبرة في هذا الصدد.
ولقد ألحّت عليّ ذكرى موزة بنت سعيد بن مصبح الشحي، الليلة قبل الماضية، حينما كنت مع الزملاء غسان طهبوب ورائد برقاوي وحسين حمية، على مائدة زميلنا الكاتب الأديب سمير عطاالله، حيث تذوقنا حلاوة كلمات “ابوالعبد” و”عباس” وأهالي البقاع وقرية “بشري” وغيرها، حتى ان زميلنا سمير لم ينس حق “ابو ريمون”!
قلت للزميل سمير عطاالله: ما رأيك لو زرت رؤوس الجبال، وعرفت هؤلاء الناس عن قرب؟ رحب الكاتب الذي يشبه كل مقال من مقالاته سلة أفكار، ورويت على مسمعه كيف عزمنا “ادونيس” على مائدة “قصر الرمل” في صحراء عجمان، ذات ليلة، فكانت ليلة تليق بأحد الذين يسكنون رؤوس الأفكار، الا وهو صديقنا الكريم “ادونيس”.
والشكر، بعد الثناء على اسماء الله الحسنى، موصول للسيدة الاماراتية الراحلة، موزة بنت سعيد بن مصبح الشحي، التي يعرفها الناس ب”الواصلة” لأنها كانت تصل رحمها، وتصل الى حيث توصلها قدماها، وتصل الى حيث تسافر بها كلمة الحق.
امرأة مكافحة، عاملة، انجبت اربعة اولاد وبنتين، فكرست حياتها لهم، بينما كان زوجها على ظهور المحامل، متجراً في مفازات الهند وغيرها، واحتضنت ابناء آخرين من عائلتها، فكانت نعم الأم الكافلة الواصلة.
تحدثني حفيدتها “عائشة الشحي”، الموظفة بقسم العلاقات العامة بدائرة الثقافة والاعلام بالشارقة، فتقول: كانت تزورنا كل يوم جمعة، ترتدي ثوباً أسود مطرزاً، وجلابية عربية، وتضع عليها ذهبها المنتقى بكل عناية، وكانت في كامل زينتها من قمة الرأس الى أخمص القدمين.
كانت - كما تقول عائشة - عالية كالجبل، قوية صلبة، حنونة. سألت أمي عنها، فقالت: ماذا أقول عن النخلة؟ ماذا اقول عن دائمة الخير؟ ماذا اقول عن الواصلة؟
وعندما توفيت موزة بنت سعيد الشحي، عن 95 سنة، زار دارها أناس كثر، بعضهم لم يعرفهم أهلها، فقال قائلهم: كانت تصل الناس، فوصلها الناس.
الموضوع منقول من جريدة الخليج
الله يرحم موزة بنت سعيد الشحي
راعي شما
ويرحمنا وبرحمته يوم نموت
موزة الواصلة...............................جمعة اللامي
“حياة الشجاع في موته، وموت الجبان في حياته. فموتوا لتعيشوا. والله ما مات كريم ولا عاش ذليل”
(المنفلوطي)
سيرد ذكرها بعد قليل، هذه السيدة التي اسمها: موزة بنت سعيد بن مصبح الشحي، التي عرفتها الشارقة منذ عقود، بعدما جاءت اليها من منطقة “خصب”.
ولقد تعرفت الى “خصب” من الصديق الاعلامي ابراهيم سعيد، الذي ما ان يعود من القاهرة حيث يعمل الآن وزيراً مفوضاً في جامعة الدول العربية، حتى يقول لي: “سأراك بعد عودتي من الأهل في خصب”.
وفي منزل زميلنا ابراهيم سعيد، بمنطقة النعيمية في عجمان، غالباً ما كنت ارى هؤلاء الشباب والكهول الذين أسرني تاريخهم، الشحوح، احفاد “مالك بن فهم” الذين هاجروا من اليمن بعد انهيار السد، ثم نزلوا في اعالي رؤوس جبال الساحل، بعدما استوطنوا وادي “برهوت” في حضرموت ايضاً.
وعندما أستمع الى ابناء رؤوس الجبال، الذين هم من قبيلة “الازد” العربية المعروفة، كما يقول بعض المؤرخين، اتذكر مفردات كثيرة من لهجة عرب أهوار العراق، واتذكر ايضاً تلك السمات المشتركة في حياة رجال المستنقعات العراقية، وحياة أهل رؤوس الجبال: الكبرياء، والتعاضد الاجتماعي ونصرة المظلوم، ونشدان الحق.
وللفقيه ابن حزم الاندلسي الظاهري، اقوال نفيسة في الشحوح، فمن يريد استزادة فهناك زوادة معتبرة في هذا الصدد.
ولقد ألحّت عليّ ذكرى موزة بنت سعيد بن مصبح الشحي، الليلة قبل الماضية، حينما كنت مع الزملاء غسان طهبوب ورائد برقاوي وحسين حمية، على مائدة زميلنا الكاتب الأديب سمير عطاالله، حيث تذوقنا حلاوة كلمات “ابوالعبد” و”عباس” وأهالي البقاع وقرية “بشري” وغيرها، حتى ان زميلنا سمير لم ينس حق “ابو ريمون”!
قلت للزميل سمير عطاالله: ما رأيك لو زرت رؤوس الجبال، وعرفت هؤلاء الناس عن قرب؟ رحب الكاتب الذي يشبه كل مقال من مقالاته سلة أفكار، ورويت على مسمعه كيف عزمنا “ادونيس” على مائدة “قصر الرمل” في صحراء عجمان، ذات ليلة، فكانت ليلة تليق بأحد الذين يسكنون رؤوس الأفكار، الا وهو صديقنا الكريم “ادونيس”.
والشكر، بعد الثناء على اسماء الله الحسنى، موصول للسيدة الاماراتية الراحلة، موزة بنت سعيد بن مصبح الشحي، التي يعرفها الناس ب”الواصلة” لأنها كانت تصل رحمها، وتصل الى حيث توصلها قدماها، وتصل الى حيث تسافر بها كلمة الحق.
امرأة مكافحة، عاملة، انجبت اربعة اولاد وبنتين، فكرست حياتها لهم، بينما كان زوجها على ظهور المحامل، متجراً في مفازات الهند وغيرها، واحتضنت ابناء آخرين من عائلتها، فكانت نعم الأم الكافلة الواصلة.
تحدثني حفيدتها “عائشة الشحي”، الموظفة بقسم العلاقات العامة بدائرة الثقافة والاعلام بالشارقة، فتقول: كانت تزورنا كل يوم جمعة، ترتدي ثوباً أسود مطرزاً، وجلابية عربية، وتضع عليها ذهبها المنتقى بكل عناية، وكانت في كامل زينتها من قمة الرأس الى أخمص القدمين.
كانت - كما تقول عائشة - عالية كالجبل، قوية صلبة، حنونة. سألت أمي عنها، فقالت: ماذا أقول عن النخلة؟ ماذا اقول عن دائمة الخير؟ ماذا اقول عن الواصلة؟
وعندما توفيت موزة بنت سعيد الشحي، عن 95 سنة، زار دارها أناس كثر، بعضهم لم يعرفهم أهلها، فقال قائلهم: كانت تصل الناس، فوصلها الناس.
الموضوع منقول من جريدة الخليج
الله يرحم موزة بنت سعيد الشحي
راعي شما
ويرحمنا وبرحمته يوم نموت