• مرحبا ٬ في حال تعتذر تسجيل الدخول ، يرجى عمل استرجاع كلمه المرور هنا

حكاية من حكايات زمان

المحجبة

:: اللؤلؤة المضيئة ::
التسجيل
30 يونيو 2004
رقم العضوية
1929
المشاركات
5,735
مستوى التفاعل
76
الجنس
الإقامة
الإمارات
حكاية من حكايات زمان
أعجبتني هذه القصة ووجدت فيها المتعة والفائدة فشاركوني

وهي بقلم محمد سليمان عبده


هذه قصه من القصص القديمة جداً التي سمعتها من أحد كبار السن حيثما كنت طفلا وأثرت

بي تأثيرا غريبا بما فيها من الحكم والعبر التي تساعد الإنسان على شق طريقه في الحياة

متوخيا الدقة والحرص في اختياره لأصدقائه ولفهم معنى الصداقة وكذلك لاختياره شريكة

حياته أي زوجته والمحافظة على جاهه وسمعته وأمواله من الضياع وراء بعض المغريات .

فيقول راوي القصة أن أحد الرجال كان يملك مالا كثيرا يشتغل به في التجارة ولديه ولد واحد

فتوفيت زوجته وعاش هو وابنه فترة من الزمن لوحدهما فلما شعر الأب بتقدم سنه وتعرضه

لبعض الأمراض وعرف بأنه لا محالة تارك هذه الدنيا وتارك ابنه وحيدا مع مبلغ وفير من

المال ودكان مليء بالبضائع للتجارة ، انتابه شيء من القلق فأراد أن يوصي ولده بشيء

ينفعه إذا ضاقت به الأيام ودارت عليه الدوائر وتخلى عنه الأصدقاء .

فسأل الأب ابنه: هل لديك أصدقاء أوفياء يا بني ؟

قال: نعم إن جميع أصدقائي أوفياء لي … فأجابه الأب أما أنا يا ولدي فليس لدي سوى صديق

واحد هو عمك الشيخ فلان ، وكان هذا الشيخ رجل كبير في السن فقير الحال يعيش هو

وزوجته في دار متواضعة على حسنة المحسنين ، وتابع الأب قوله يا بني إذا توفاني الله

وحصل أن ضاقت بك الدنيا بعد وفاتي أو تعرضت لخسارة وتخلى عنك الأصدقاء فاقصد صديقي

هذا الشيخ فلان ليساعدك .

هذه وصيتي لك فلا تنساها أبدا فلما توفي الوالد تولى الابن شئون إدارة التجارة والمال وأكثر

من الأصدقاء اللذين جروه إلى اللعب واللهو حتى وصل به الأمر إلى المقامرة فصار يلعب

القمار مع أصدقائه حتى خسر جميع أمواله وتجارته ودكانه ولم يبقى لديه سوى الدار التي

يسكنها فلعب عليها أيضا مع أحد أصدقائه وخسرها .

فطالبه الصديق بإخلاء الدار بل جعله يخليها بالقوة فهام ذلك الشخص على وجهه لا يدري ما

يفعل فقد خسر كل شي حتى الدار التي كانت تؤويه ، وأخذ يطوف على أصدقائه طالبا منهم

مساعدته واستضافوه لأنه لم يكن له سكن يؤويه ولكن كان الجميع يطرده ويتنكر له وأصبح

وحيدا فقيرا لا يملك ثمن خبز يأكله ، فتذكر وصية والده له وتذكر صديق والده الشيخ فلان ...

فسأل نفسه هل يذهب لذلك الشيخ العجوز الفقير ليطلب منه المساعدة وبماذا يساعده ذلك

الشيخ وتردد كثيرا ولكن الجوع وعدم استطاعته الصبر عليه اضطره إلى الذهاب إلى دار

صديق والده وكان الوقت قبل صلاة المغرب وطرق الباب ففتح له الشيخ فلما رآه قال من ..

ابن فلان قال نعم ، قال تفضل ادخل يابني فدخل الشاب وأخبر الشيخ العجوز عن وصية أبيه له

وعن وضعه وما حصل له فسكت الشيخ قليلا يفكر ثم قال قم يا بني توضأ فإن وقت صلاة

المغرب قريب ولنذهب إلى المسجد لنصلي المغرب مع الجماعة وبعده يكون خيرا إن شاء الله .

توضأ الاثنان ثم ذهبا إلى المسجد وصليا المغرب وبعد صلاة المغرب مباشرة صحب الشيخ

الشاب إلى أحد الدور المجاورة وطرق الباب ففتح رب البيت الباب ولما شاهد الشيخ قال

من .. الشيخ فلان ... الله يحييك رد عليه الشيخ بقوله أبقاك الله ، فدخلوا جميعا إلى المنزل

وفي غرفة الضيوف سأل صاحب المنزل من هذا الشاب قال الشيخ هذا ابن فلان ... قال أنعم

وأكرم يا بن الرجل المحسن الكريم حياكم الله .

فقال الشيخ لصاحب البيت نحن على عجل أتيناك طالبين بنتك فلانة لابن المرحوم فلان ولكن

لدينا شروط قال فبل أن تقولوا شروطكم أريد أن أسأل زوجتي وابنتي عن رأيهما أولا ...أما

بالنسبة لي فأنا موافق وعلى كل الشروط .

ذهب الرجل وأخبر زوجته وسأل ابنته فأخبرتاه بأنهما موافقتين على ما يراه ، فعاد مرحبا

بضيوفه سائلا عن شروطهم ، أجاب الشيخ بأن مهر البنت أي الصداق سيكون ريالا واحدا فقط

لا غير وأن عقد النكاح يتم على عروسه في نفس الليلة في دار أبيها ويسكن معهم ، وافق ابو

البنت على كل ذلك وفي الحال ذهب وأحضر رجلين من الجيران إلى بيته شهدا لموافقة ابنته

على الزواج ثم توضأ الجميع وذهبوا إلى المسجد وصلوا العشاء وأتموا عقد النكاح بواسطة

إمام المسجد وبعد الانتهاء من العقد بارك الشيخ لهما ودعا لهما وودعهما لانتهاء مهمته

وذهب إلى داره تاركا الشاب مع والد الزوجة ، فعاد أبو البنت برفقة الشاب إلى الدار مرحبا

به ومباركا

ولما وصل إلى البيت أدخل الشاب إلى غرفة في الدور الأرضي من المنزل وصعد هو إلى

الدور الأعلى يطلب من زوجته أخذ البنت إلى زوجها .

نزلت الأم مع بنتها بعد أن ألبستها أحسن ما لديها من ثياب وقابلت زوج ابنتها للمرة الأولى

وباركت ودعت لهما ثم عادت إلى الدور العلوي ، لم يصدق الشاب أنه في غرفة واحدة هو

وزوجته وبدا يفكر كيف أنه ذهب إلى صديق والده لعله يجد عنده كسرة خبز يهدئ بها جوعه

وإذا بهذا الشيخ يزوجه ويحمله مسؤولية زوجه في الوقت الذي لم يستطيع فيه إطعام نفسه .

نظر إلى زوجته ثانية ثم خر على الأرض باكيا بكاء شديدا كالأطفال فدهشت العروس من ذلك

ولكنها سرعان ما تداركت الأمر وسألته ... ما يبكيك وأنت عريس مع عروسك في أول

لقاء ... ألم تعجبك العروس .. ؟ وهل أنت نادم على الاقتران بي .. ؟ فرد العريس وهو يقسم

لا والله بل أنت جميلة جدا ولكن ... قالت العروس لكن ماذا .

قال أخشى أن يكون الشيخ فلان قد ظلمك عندما طلبك زوجة لي فأنا لست أهلا لك لأني أخطأت

أخطاء كبيرة فأجابت الفتاة : لا لا يمكن أن يكون ذلك .. لأن الشيخ فلان رجل طيب ومخلص

ولا يمكن أن يغش أحدا أو يأتي منه ضرر ، ثم لا تنسى أنك ابن فلان المشهود بطيبه وكرمه

وحسن سمعته في المدينة كلها فرد الشاب لكن مشكلتي أنا كذا وكذا ... ...

وأخذ يسرد قصته منذ وصية أبيه له إلى هذه اللحظة والعروس تستمع له إلى أن انتهى من

كلامه ثم أخذ يبكي ثانية فقالت له الفتاه لا تبك فأنت عريس في أول ليلة لك ويجب أن تكون

سعيدا في هذه الليلة لأنها كما يقولون ليلة العمر ، المهم سوف تبدأ من الآن في حل المشاكل

واحدة واحدة فأول مشكلة لدينا الآن أنك جائع سوف أحضر لك شيئا تأكله .

ذهبت العروس وأحضرت طعاما له من موجود البيت من تمر ولبن وخبز وماء وقدمته له

فأكل حتى شبع وحمد الله .

ثم سأل عروسه وماذا بعد ذلك هل ستطعميني من طعام أهلك كل يوم ... ؟

قالت لا .. نحن لدينا رأس مال نقود ( ريال ) واحد من فضة الذي قدمته مهرا في فهو معي

الآن لأن والدي أعطاه لي وسوف نبدأ في التجارة والبيع والشراء من صباح الغد للحصول

على طعامنا ومستلزمات حياتنا … قال كيف ..؟

فردت عليه .. لنؤجل الكلام في ذلك حتى الصباح ، لنقضي أول ليلة في حياتنا الزوجية دون

أفكار أو هموم ، وبدآ فعلا في رعاية حياتهم الجديدة .





وللقصة بقية فتابعونا




أختكم المحجبه
 

بحر الشوق

๑ . . عضو محترف . . ๑
التسجيل
14 ديسمبر 2002
رقم العضوية
33
المشاركات
660
مستوى التفاعل
2
الجنس
الإقامة
RAK
الموقع الالكتروني
مشاركة: حكاية من حكايات زمان

تــــــــسلمين أختي على القصه

ونتريــا البقيه

بحرالشوق

ملاحظه :
السموحه على التأخير
 

المحجبة

:: اللؤلؤة المضيئة ::
التسجيل
30 يونيو 2004
رقم العضوية
1929
المشاركات
5,735
مستوى التفاعل
76
الجنس
الإقامة
الإمارات
مشاركة: حكاية من حكايات زمان

وإليكم البقية


في الصباح الباكر استيقظ الاثنان وقاما لصلاة الصبح جماعة في المنزل وتناولا طعاما خفيفا ،

ودقت ساعة العمل حيث قامت الزوجة وأحضرت قفة تكروني ( القفة التكرونية هي وعاء

معمول من سعف النخل على شكل شيء دائري كبير يستعمل لنقل الخضار والطعام ويحمل

عادة على الرأس ) ، فأحضرت صداقها ( الريال ) الفضة وطلبت من زوجها أن يذهب إلى

سوق الخضار ويشتري بهذا الريال كراتا ويعود إليها بذلك الكرات إلى البيت .

ذهب الزوج إلى سوق الخضار واشترى الكرات وعاد به إلى البيت في الحال ، فقامت

الزوجة سريعا بفك حزم الكرات وتنظيفه من الشوائب وإعادة ترتيبه في حزم صغيره وأعادته

إلى قفة التكروني وطلبت من زوجها أن يعود ثانية إلى سوق الخضار ويجلس على ناصية

الطريق ويبيع الكرات وحددت له قيمة البيع وطلبت من زوجها أن يجلس عارضا بضاعته

هذه حتى أذان الظهر ، ثم عند الأذان يذهب إلى المسجد للصلاة مع الجماعة ثم يخرج سريعا

ليعرض بضاعته عند باب المسجد إلى أن يخرج آخر المصلين من المسجد ، ثم يعود إلى

المنزل بقفته وما بقي فيها من كرات .

فعل الرجل ذلك ولما عاد إلى البيت حسب هو وزوجته الهللات التي باع بها فوجدا أنها تبلغ

ريالين وأنه لازال في القفة نصف الكرات .. فحمدا الله وشكراه على ذلك المكسب وطلبت

الزوجة من زوجها أن يأخذ ريالا واحد ويذهب إلى السوق لشراء دجاجتين وديك وخبز وبيض

وملح ثم يعود للبيت .

ذهب الرجل واشترى ما ذكرت وعاد إلى البيت ، فقامت الزوجة بوضع الدجاج في الخن

ووضعت لهم شيئا من الكرات والماء ، ثم ذهبت إلى المطبخ لإعداد طعام الغداء وهو عبارة

عن بيض وكرات وخبز ، الحمد لله انتهى عمل اليوم الأول بنجاح وشعر الرجل بارتياح لأنه

استطاع أن يشتري ويبيع ويكسب وأنه أمن لزوجته الطعام وبقي لديه شيء من المال .

ظل الحال على هذا المنوال وقتا طويلا حتى استطاعا تكوين مبلغ لا بأس به يمكنهما من

استئجار دكان وشراء قليل من البضاعة ، وقام فعلا باستئجار دكان صغير وبدأ البيع والشراء

معتمدا على الله سبحانه وتعالى ونجح في تجارته واستعاد سمعته وسمعة أبيه التجارية .


هذه النتيجة السعيدة لهذا الشاب لم تأت من فراغ حيث كان وراءها حكمة الرجال المصلحين

أولا ، فوصية والد الرجل له باللجوء إلى صديقه الشيخ فلان إذا دارت به الدوائر وغدرت به

الظروف وتخلى عنه الأصدقاء ... كانت حكمة عظيمة .

فوالده كان يعرف أن صديقه الشيخ كان مخلصا وناصحا ومصلحا وبلا شك فإن نية الإصلاح

إذا توفرت في شخص فإن الله يوفقه .

وإذا أردنا أن نتكلم عن الشيخ وعن تصرفه في حل المشكلة وكيف أنه ذهب مع ابن صاحبه

ذلك الشاب المخطئ الذي أضاع كل ما يملك في اللهو واللعب والمقامرة ثم يخطب له فتاة من

عائلة طيبة ومحترمة دون أن يكون كفئا لإعالتها حين خطبها له ، فكيف جرأ الشيخ على ذلك

وما هي تقديراته وحكمته ؟.

يمكن القول في هذا الحديث بأنه عندما ذهب الشاب إلى صديق والده ( الشيخ ) كان الشاب في

وضع سيئ جدا وحالته يرثى لها فهو أضاع كل شيء نتيجة سوء تصرفه وقد ذهب إلى

صديق والده ليشكو حاله هذا بناءً على وصية والده له ، ولما شكا حاله رأى الشيخ أن الشاب

يظهر عليه الخجل مما فعل وأنه معترف بأخطائه ونادم عليها فهو بمثابة التأنيب من الذنب

ولذلك توسم فيه خيرا ولم يشأ أن يؤنبه أو يوبخه بل أراد مساعدته والأخذ بيده ، ولأنه لم

يكن لديه القدرة المالية على مساعدته بالمال أو بالجهد فقد اختار له الزوجة الصالحة

وساعده في الارتباط بها فوفقه الله تعالى .. فالله ولي الأمر والتوفيق .

بقي علينا أن نتكلم ولو باختصار عن عنصر مهم في هذه القصة وهي الزوجة ، فهذه الزوجة

الصالحة استطاعت أن تعصم زوجها وتبعده عن الهموم والأفكار وعن الخوف والشعور بأنه

غير كفء للزواج وشجعته على العمل والكسب الحلال وعلمته كيف يبدأ من الصفر للنهوض

مره أخرى وإعادة سمعته وجاهه ، ودور هذه الزوجة يذكر بالمثل القائل : ( وراء كل رجل

عظيم امرأة ) .

طبعا هذه المرأة الوارد ذكرها في المثل تكون إما الأم أو الزوجة فقط لهاتين المرأتين وليس

لكل امرأة ، ومن الملاحظ في تاريخ المجتمعات وجد ارتباط خاص بين العائلة والفرد من تلك

العائلة نفسها سواء ذكر أو أنثى وبين الأم وابنها وكذلك بين الزوجة وزوجها ، فالعائلة

المحترمة غالبا ما تعصم بمشيئة الله الفرد منها من الانحراف والزلل وذلك خوفا على سمعة

العائلة ، أما الأم الصالحة فهي تعصم ابنها أو ابنتها بإذن الله من الزلل وذلك بحسن مراقبتهم

وتوجيههم ونصحهم وحثهم على العمل الصالح والطيب ، أما فيما يتعلق بالزوجة فإن الزوجة

قد تكون الأكثر أهمية لعصمة زوجها وفي أمور كثيرة ، فهي في الدرجة الأولى سكن لزوجها

ويجب أن يجد الزوج لديها الحنان والاهتمام وأن تجعل من بيتها المكان المناسب لراحته وأن

تراعي ظروفه وقدراته وخاصة المادية ، وأن لا ترهقه بطلبات لا قدرة له عليها ، وفي حالة

مقدرته على تلبية الطلبات يجب عليها أن تختار الوقت المناسب للطلب فليست جميع الأوقات

صالحة ، وفي حالة تأخره في إحضار الطلب ليس من المناسب مناقشته أو لومه وعليها هي

أن تجد له عذرا في ذلك ، وإذا كان الطلب مهما فلا مانع من تذكيره به مرة أخرى في وقت

مناسب .

وفي الحقيقة فإن الكلام في مثل هذا الموضوع طويل جدا وأكتفي بهذا القدر ولكني أترك

للزوجة والزوج إكماله عمليا بما يتناسب مع ظروفهما وإمكانياتهما والمشاركة في العمل

لجعل المنزل دار نعيم لا دار جحيم .

انتهى كلام المؤلف .. والقصة بين أيديكم فيها الكثير من النقاط التي تستدعي الوقوف عندها ..



منقول

أختكم المحجبه
 
عودة
أعلى