راعي شما
๑ . . مراقب برزات قبيلة الشحوح. . ๑
على ضفاف سواحل الخليج العربي وتحديداً في شعبية السلية بمنطقة خور خوير التي تبعد عن مركز مدينة رأس الخيمة حوالي 45 كيلومتراً، انشأ المواطن خلفان علي محمد الشحي البالغ من العمر 60 عاماً قرية تراثية اسماها قرية الامارات التراثية، اعتزازاً بموطنه وللحفاظ على التراث الاصيل الذي يجب ان تعرفه الاجيال المتعاقبة.
ويشير الشحي الى ان فكرة جمع التحف القديمة تولدت لديه منذ قرابة 15 عاماً، ولايمانه المطلق
بمقولة المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، التي يقول فيها: “من ليس له ماض... ليس له حاضر”، مضيفاً ان فكرته لم تقتصر على جمع التراثيات فحسب، وانما تطورت قبل خمس سنوات الى تشييد بيت تراثي يحاكي انماط الحياة القديمة التي عاشها الأولون من الاجداد.
ويوضح الشحي أن البيت التراثي شيد وفقا للتصاميم التي تتناسب وحياة أجدادنا الذين لم يهملوا عوامل الطقس والمناخ في تشييد مساكنهم، حيث توجد في باحة قريته جلسة عربية تم تشييدها فوق مستوى ارضي مرتفع قليلاً من الحجر الاسمنتي وسعف وجريد النخيل وزينت جدرانها بالسرود الملونة لتكون محط راحة الزوار والضيوف، وتقابلها غرفة تراثية ذات باب خشبي يعود عمره التاريخي الى حوالي 100 عام ونيف، وتم بناء جدرانها من الصخور الجبلية الصلدة، فيما تم تسقيفها بواسطة (الدعن) أي سعف النخيل وخشب شجرة (الكندل) التي تجلب اخشابها من جمهورية الهند، وتوزعت في زوايا واركان الغرفة تلك عدة تحف ومقنيات تراثية قديمة، منها الشبرية (السرير) الذي يرجح بأن عمره التاريخي يعود الى 150 عاماً، يجاوره (المنز)أي المهد الذي يتم وضع الاطفال حديثي الولادة فيه وتمت صناعته من جريد النخيل، اضافة الى جهاز مذياع من الطراز القديم، تم تحويله الى جهاز يعمل بالطاقة الكهربائية بدلا من البطاريات الجافة، وتجاوره بعض الفوانيس والاواني الفخارية والنحاسية والطينية وسلاح ناري قديم يدعى (الكند)، وصندوق قديم مصنوع من خشب (الساي) كان يستخدمه الاجداد لوضع حاجياتهم من الملابس والادوات الاخرى، يقابلها في الزاوية الاخرى من جدار الغرفة (الجاعد) المصنوع من صوف الاغنام ويتم استخدامه لاغراض (الرجاب) أي ركوب الجمال والابل، وبجانبه (الساحة) و(الخطام) أي لجام الجمل.
واشار الشحي الى (الرده) أي المكان المخصص للطبخ واعداد القهوة العربية للضيوف، والذي يتكون من ثلاثة مواقد او اكثر يتم احاطتها بعدة احجار بشكل هندسي متواز وتوضع عليها قدور الطبخ النحاسية القديمة ودلال القهوة، ويجاوره على بعد عدة امتار قليلة بين اشجار النخيل الشامخة (الطوي) القديم أي بئر المياه العذبة التي كان اجدادنا القدامى يعتمدون عليها في اغراض الشرب والطهو والغسل، فيما شيدت (الرحى) أي طاحونة الحبوب في احدى زوايا المنزل التراثي.
أما المجلس التراثي الذي كان زاخراً بالمقنيات والتراثيات النادرة النفيسة والذي شيد بما يتناسب والاجواء الشتوية الباردة وبشكل منخفض عن مستوى سطح الأرض، فأصر الشحي على أن نحط الرحال فيه لتناول التمر والقهوة العربية، ليكمل بعدها حديثه عن تلك القرية التراثية التي يعتز بها كل الاعتزاز ويعتبرها كواحد من ابنائه، حيث استرسل بالحديث بعدها وقال ان اقدم التحفيات النادرة التي حصل عليها كانت عبارة عن خمس قطع مالية نحاسية قديمة، تدعى بالمحمدية استخدمت في المعاملات التجارية والمالية في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم ونقشت عليها بعض الزخارف الاسلامية القديمة، مضيفا ان الغرفة التراثية تضم الكثير من الاسلحة النارية والبيضاء السيوف والخناجر القديمة، فهناك تفكة المروكب السلاح الناري المصنوع سنة 1857 كما كتب عليها، وسلاح ناري افريقي كانت اللمسات الخاصة بالثقافة الافريقية واضحة على مقبضه، اضافة الى الكثير من التحفيات الفضية والنحاسية والخشبية والطينية النادرة وسرج قديم يوضع على الخيل، منوها بميزان يدوي صغير كان تجار اللؤلؤ يحتفظون به داخل صندوق خشبي صغير يمكن وضعه داخل جيب الثوب، يسهل عليهم عملية وزن اللؤلؤ الذي كان يشترونه مباشرة من ساحل البحر عند عودة النواخذة من رحلة الصيد البحري.
واكد الشحي ان الهدف من انشاء تلك القرية وبمجهوده الشخصي وعلى نفقته الخاصة، هو الحفاظ على الموروث الشعبي والتراثي لابناء دولة الامارات ولكي تعرف الاجيال المتعاقبة تاريخ اجدادها، وتمنى ان تقوم المؤسسات الحكومية المعنية بدورها في دعم تلك المبادرات والمشاريع الوطنية الرامية الى الحفاظ على الهوية الوطنية.
منقول من جريدة الخليج إستراحة الجمعـه