راعي شما
๑ . . مراقب برزات قبيلة الشحوح. . ๑
منطقة غليله من مناطق الشحوح تقع في شمال إمارة رأس الخيمة بين الساحل والجبال، وتبلغ مساحتها 150 كيلومتراً مربعاً مع جبالها ويصل عدد سكانها إلى ما يقارب عشرة آلاف شخص تقريبا، وتشتهر بوادي غليله الذي ظهر فيها منذ القدم ويمتد ما بين 7 إلى 8 أقدام، وسميت باسم غليلة نسبة لكثرة الغلال والخيرات التي تمتعت بها المنطقة حيث شجار النخيل والبحر والجبال التي يتم جلب العسل منها.
توجد الآبار العذبة المنتشرة في المنطقة قديما خاصة على ساحل البحر، ما سهل عملية نقلها إلى المناطق المجاورة في أم القيوين والشارقة ودبي وابوظبي التي كانت تعتمد عليها، ويتم تعبئة المياه في براميل عن طريق «الشرع» وهي ممرات يتم دخول البئر من خلالها والخروج منها، واشتهرت المنطقة أيضا بالتجارة بين البلدان المجاورة خاصة عن طريق مقايضة اسماك المالح، حيث بنيت برك بالقرب من الساحل ويتم تخزين الأسماك التي تملح داخلها، ومن ثم مقايضتها مع تمور البصرة أو إيران.
أن منطقة غليله تشتهر بتواجد العديد من الأماكن التاريخية فيها والتي تدل على مدى أصالة المنطقة وجذورها التاريخية التي تمتد إلى آلاف السنين قبل الميلاد، فهناك تسعة قبور قديمة في المنطقة إضافة لعدد من الحفريات التاريخية التي تم العمل فيها إلى واستخرج عدد من الآثار التي تعود لآلاف السنين.ومن أشهر المقابر التاريخية المكتشفة في المنطقة يذكر لحة مقبرة غليله التاريخية، التي تم اكتشافها منذ بضعة سنوات ويعود تاريخها إلى 4000 سنة قبل الميلاد، وتم العثور فيها على بقايا 53 شخصا على الأقل إضافة لخاتم عليه نقش يعود إلى القرن الأول قبل الميلاد إضافة لمائة آنية ضم عدد كبير منها إلى متحف رأس الخيمة.
وإضافة لمقبرة غليله هناك مقبرة تاريخية تدعى بمقبرة اليهود والتي يوجد بها ما يصل 500 شاهد كلها بنفس الشكل واللون الأحمر، دفن بها غير المسلمين ممن كان أهالي المنطقة يجدون جثثهم على شاطئ البحر حيث كان يتم إلقاء الأموات من السفن فتطفوا هذه الجثث على السواحل القديمة، وكان سكان المنطقة يقومون بدفن الجثث التي يجدونها على الشاطئ، فالمختونون يدفنون في مقابر المسلمين وغير المختونين في مقابر اليهود.
وهناك أيضا قبر الولي زهير الموجود على سفح احد جبال غليله وتعود قصة هذا الولي كما يروي سعيد إلى ما قبل فترة الاحتلال البرتغالي، ففي احد الأيام تم العثور على جثة شخص مسلم، ولم يستطع أهالي المنطقة دفنه نتيجة للأمطار العزيزة التي شهدتها غليله حينها.
وبعد أسبوع من العثور على جثة الشخص، ذهب الأهالي لدفن الجثة وتفاجأوا بما شاهدوه، حيث لم يطرأ أي تغير على الجثة وكأن الشخص مات في لحظتها، فأرجعوا السبب إلى أن الرجل ولي صالح من أولياء الله ما جعلهم يخصصون له مدفنا خاصا به في مكان مرتفع، وبعد فترة قدم مجموعة من البحارة إلى المنطقة يسألون عن شخص يدعى زهير توفي في البحر، وكان هو ذاته الشخص الذي دفنه أهالي غليله.
عائلات متأصلة
ويبين العميد المتقاعد أن سكان المنطقة يعودون لذات العوائل التي عاشت فيها منذ آلاف السنين، حيث ساعدت طبيعة الأرض الخيرة وتوفر عوامل الحياة على استقرار الأسر وعدم نزوحها من المنطقة، وقد عرف أهالي المنطقة بولائهم الشديد لأولي الأمر منهم، فبرغم من أن منطقة غليله لم تشهد تواجد الاحتلال البرتغالي فيها نتيجة لطبيعتها الجغرافية فلا تساعد شواطئها على رسو السفن البرتغالية، إضافة لتواجد الجبال التي تشكل عائقا أمام الجنود الذين يخشون أن يبتعدوا عن سفنهم، إلا أن أهالي غليله كانوا يلبون نداء فزعة الحاكم، فيحملون سلاحهم وزادهم إلى الداخل لمساعدتهم في حروبهم دون مقابل.
وعن العادات والتقاليد السائدة بالمنطقة يقول أنهم لا يختلفون فيها عن باقي المناطق المجاور، لكنهم يشتهرون ببعض العادات التي تمارس في الأعراس، حيث يتوجب على العريس في يوم عرسه أن يركض مسافة معينة تصل إلى الخمسين مترا، لوحده محاطا بأصدقائه وأقاربه وهذه عادة مازالت تمارس في الأعراس إلى يومنا هذا، ويهدف منها التأكيد على رجولة وقوة وصحة العريس.
ورغم مرور السنين يشير سعيد إلى أن معيار تربية الأبناء إلى الآن لم يتغير، حيث يربون على إطاعة ولي الأمر سواء أكان والدا أو قائدا أو شيخا أو حاكما، من منطلق أن الوالد لن ينصح ابنه أو يطلب منه أداء عمل يضر بمصلحته، وهذه التربية أثبتت صحتها على مر الزمن، فأبناء غليله عرفوا بتميزهم قديما وتفوقهم حديثا، فحاليا تصل نسبة المتعلمين لديهم إلى أكثر من 90 % غالبيتهم من المتميزين.
وفي ذات السياق هناك وعي كبير لدى مواطني المنطقة بأهمية مراعاة ظروف الحياة وهذا الأمر يدل عليه العلاقة المتميزة مع أهالي المناطق المجاورة والترابط العائلي الشديد، ويفخر أهالي غليله بقلة مهور بناتهم، حيث تصل مهورهم لما بين 5000 إلى عشرة آلاف درهم، هذا عدا أن معظمهم يقومون بمساعدة العريس ماديا في زفافه.
منقول من تعلم لأجل الإمارات
التعديل الأخير: