الحلقة الخامسة عشر
ملاحظة :هذه الحلقة لاتصلح للقلوب الضعيفة
ذهبت الى المستشفى بخطى تحمل الالاف من علامات الاستفهام وام شما تنتظرني في المستشفى وانا متاكد بعدم وجود اي شي لان الزراعة نجحت ... واحتمال يريد الدكتور توضيح بعض الامور قبل السفر.. حتى وصلت الغرفة المطلة على شارع الميلبورن . دخل الدكتور والممرضة والمترجمة . بدات نبضات قلبي تزداد وشعرت ببرودة في جسمي لان الدكتور لايطلب المترجمة الا في الاشياء المهمه لتوثيق الاجراءات وعيني تناظر الدكتور ثم قال !!!!!!
رجع المرض ......... رجع المرض ...... ضارباً بعرض الحائط جميع المشاعر !! ماذا يقول الدكتور لم استوعب ماذا قال فردت المترجمة رجع المرض !!! يا لها من طامة او فاجعة او مصيبة او او او ...
ماذا اقول لنفسي هل اعزيها او ماذا اقول للعصافير (بناتي) اللاتي احكمنا اغلاق الحقائب او ماذا اقول للعائلة في الامارات او ماذا اقول لصاحب الشقة ,, ماذا اقول لأصحابي الذين ينتظروني في الامارات,, ماذا اقول لمخدتي في ابوظبي (تبعثرت الاوراق في لندن ) وتبعثرنا جميعاً معها ..
واكمل الدكتور حديثة وانا انظر لام شما نظره عطف وهي منكسرة واللون الاحمر يغمر مقلتيها... تبعثرت كل السبل ، تبعثرت كل المشاعر , تبعثر كل شي , تبعثرة كل الاستراتيجيات الموضوعة، تبعثرت الاحلام التي عشناها، تبعثرت اللحظات الجميلة..... ضاع الامل في رجعتك واقبل الياس واشوف حلمي مات قدام عيني ..
لماذا رجع المرض يا دكتور ؟ وجميع المرضى الذين كانوا في المستشفى خرجوا بصحة. قال الدكتور : اثناء علاج الكيماوي لم تصل المناعة الى الصفر وكانت نسبته 2% في الدم لأنها اخذت جرعات كبيرة في الامارات ولم يستجب جسمها للعلاج في لندن لأنه عمل مناعة من الكيماوي ولذلك رجع المرض .. ولكن قلت يا دكتور نجحت الزراعة . قال نعم نجحت واشتغل النخاع الجديد وتغيرت فصيلة الدم ولكن نسبة 2% هيه التي طغت .. حتى انتشرت في الجسم يا له من مرضاً خبيث والحل يا دكتور ؟
لديكم خيارين فقط لا ثالث لهم "لان الانجليز عندهم الصرامة" !!!! قلت في نفسي الله يستر
الاول : ان ترجع معكم الى الامارات وتموت خلال اشهر معدودة.. وهي تسمع !!!
الثاني: ان نعيد الزراعة ولكن بكميات مكثفة من الكيماوي واحتمال لا تقدر عليها ومدة العلاج لا تقل عن سنة !!!
يـــــــــــــــــــــــــــــــاه !!!! انا جالس احزم الحقائب وهذا يقولي سنة !! تصور انته راجع الى ارض الوطن من رحلة سياحية ويقولون لك طيارتك تأخرت "يوم واحد فقط" "يوم واحد فقط" ماذا سوف تقول .. والدكتور يقول اقل شيء سنة .
خرج الدكتور قائلاً انتظر منكم الرد في اسرع وقت ممكن.. كي يتسنى لي البدء في الاجراءات المطلوبة ... يا لها من خيبة امل .
عندما خرج الدكتور والممرضة والمترجمة انهمرت ام شما بالبكاء وبحرقة لم اراها بهذا الحال .. وليس لي حول ولا قوة وانا انظر من تلك النافذة اصارع عبراتي ..
و اشاهد الاطفال على شارع الميلبورن وهم عائدين من المدرسة ويلعبون بالشنط فرحين. ونحن اظلمت علينا كل السبل . وتبعثرت كل الاحاسيس . كانت ام شما تبكي بحرقة . فقلت لها هل خفتي من الموت ؟ قالت لا والله لم اخاف من الموت ولا العلاج ولكن لااقدر على فراقكم وسوف ارجع معكم واموت في وطني ولا اريد ان افارقكم لحظة لا اريد العلاج لا اريد العلاج خلاص برجع الامارات برجع الامارات . وانا بدونكم لا اسوى شيء .. في تلك اللحظة يجب ان اتخذ قرار فوري . انتظرتها حتى هدأت والعبرة تغمرها .... فقلت القرار الذي اعتبره اقوى قرار في حياتي لإنقاذ نفس من الموت.. (سوف نبقى معكي لأخر لحظة) . قلتها بعبرة في صدري . وانا على يقين سوف يكلفني هذا القرار الكثير من المتاعب .. قالت كيف والبنات سوف تبتدئ دراستهم بعد بضع ايام وهي تبكي ..فقلت انا بتصرف.. وللعلم ليس لدي اي تصرف ولا اي حيله (دعها للخالق) ويجب ان اتحمل قراري لان الموضوع فيه حياه او موت لا ثالث لهم حتى ولو طافت سنة دراسية عن البنات (ليس لهم ذنب ادري) ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن .
خرجت من عندها بعد ان هدأت واعطيتها الثقة وذكرتها بالله عز وجل وبعض الكلمات التشجيعية ثم ذهبت الى الدكتور "بوتر" وتحدثت معه عن المرحلة الثانية من العلاج ثم وقعت على الاوراق.. بان المستشفى لا يتحمل اي مسؤوليه اثناء فترة العلاج.
خرجت من المستشفى مهموم متعب اجر خطاي عائداً الى الشقة وقد حل الظلام ولا ادري هل حل الظلام !! ام اظلمت الدنيا علي .. واتاني شوق وحنين للوطن يا لها من ايام عصيبة علي (قدر الله و ما شاء فعل) . وانا امشي اتصل اخي راشد والذي يكبرني بسنه واحدة قائلاً الشرطة يردونك وانا معك, بخصوص الارض الاتي اشتريناها .. فقلت ان شاء الله .. (ما هذا اليوم) . حتى وصلت الى الشقة والى الان لا اعرف اي طريق سلكت في ذلك اليوم .. دخلت باب الشقة متجها الى الصالة الصغيرة فرأيت الشغالة (سلياتي) والتي في الخمسينيات من العمر تبكي !!! فقلت ما يبكيكي ؟ فقالت امي مريضة في اندونيسيا على فراش الموت ويجب ان اسافر في اسرع وقت ممكن !!! يا الاهي ما هذا اليوم .. وقانون الفيزا البريطاني يجب ان تكون الخادمة على كفالتك سنة كاملة كي تحصل على الفيزا البريطانية..... ام شما في المستشفى والبنات في الشقة ..يجب ان تكون معنا الخادمة .... ثم انتقلت الى الصالة فرأيت العصافير يشاهدون التلفاز ماذا اقول لهم ؟؟؟؟؟ هل اقول رجع المرض او سنبقى سنة في لندن ...
تجمعت المشاكل في ذلك اليوم . رجوع المرض , مقابلة الشرطة في ابوظبي , سفر الشغالة , البحث عن مدرسة للبنات , والفيزا على وشك الانتهاء واذا انتهت الفيزا وخرجت من بريطانيا سوف يختم موظف الجوازات حرمان سنة !!!!!
ماهذي المعادلة المعقدة .. ولا اتوقع أينشتاين (Einstein) يحلها . وهو احد علما الفيزيا . مايحلها الا علام الغيوب.
والله ثم والله ثم والله اتتني ضيقة في صدري لم اذق في حياتي مثلها ولن اذوق مثلها مرة اخرى. واذا دخلت الجنة سأجزم بان هذه اليوم محى جميع ذنوبي
القيت نفسي على السرير بملابسي حتى صباح اليوم الثاني
(((((((((((((( تبعثرت الاوراق في لندن ))))))))))))))
اعتذر للمشاهدين عن هذه الحلقة المتعبة والتي اخذت منى جهد كبير في كتابتها لأني عشت الحدث مرة اخرى...