غزالة الجبال
๑ . . إدارية. . ๑
- التسجيل
- 15 يوليو 2004
- رقم العضوية
- 2007
- المشاركات
- 56,666
- مستوى التفاعل
- 1,834
- الجنس
- الإقامة
- RAK
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته
الكِبرُ من أخطرِ أمراضِ القلوب ، وهو منزلقٌ خطِرٌ للغاية ، يحرف صاحبه بعيداً عن الجادة ، وآفاته كثيرة ومتعددة ..
ومن الثمرات الكبيرة التي يجني مرارتها المتكبرون
قول الله تعالى :
( سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق ( ..
فهم يرون آيات الله سبحانه مبثوثة ، ولكنهم مصروفون تماماً عنها ، فلا يرونها ، وهذه وحدها مصيبة وعقوبة شديدة ، لكنهم لا يحسون بها.
ومن لطيف كلام العلماء في قضية الكبر هذه ، قولهم :
أن الكِبرَ على درجات ثلاث أفحشها على الإطلاق :
التكبر على الله سبحانه ، فلا يلتزم الإنسان بهدي ربه ،
لأنه يستنكف أن يكون عبداً مطيعاً لله سبحانه ..
ولذا قالوا : من ترك الصلاةَ فقد تكبّر على الله ، وإلا فالسجود في وضعيته ،
إنما هو صورة مجسدة ، للتواضع بين يدي الله سبحانه ،
حيث يضع الإنسان أعلى ما فيه وهو جبهته ، في موطأ الأقدام ..
فإذا أبى الصلاة : فإنما هو الكبرُ على الله سبحانه وتعالى ..! وإن لم يجرِ ذلك على لسانه !
والثاني : التكبر على رسل الله ، فيتعزز ويترفع عن الانقياد لهم ، مع أنك تجده من أطوع الناس لشياطين الإنس والجن الذين يدغدغون أهواءه وغرائزه ، فيمرغونه أناء الليل وأناء النهار ، وهو يضحك ويقهقه ، ويحسب أنه على شيء !!
ضحك عليه الشيطان وبال في أذنيه…!
والثالث : التكبر على العباد ، وهو ما ندندن عليه دائماً ، ويتحدث فيه أكثر الناس في مجالسهم لأنه الصورة المشهورة من الكبر ، مع أن الصور السابقة أعظم ، فيستعظم المتكبر _ في هذه الصورة _ نفسه ، ويستحقر غيره ، ويأنف عن مساواتهم بنفسه ، ويرى أنه مع النجوم ، والآخرون في الوحل .. !!
وقد ذكر علماء التربية والسلوك ، أن التكبر يكون في أبواب سبعة :_
الأول : العلم :
فيرى نفسه فوق الآخرين في علمه ، فيستعلي عليهم ، وإذا هم في نظره رعاع وجهّال ، بل وقد ينتظر منهم تكريمه ، وتقبيل يده ، والإقبال عليه ، والأخذ عنه ، والتبرك به ...الخ
والحق أن مثل هذا ليس عالماً في الحقيقة ، لأن العلم مدعاة للخشوع والخشية من الله سبحانه ،
كما قال تعالى : (( إنما يخشى الله من عباده العلماء )) والخشية من الله تستدعي ألاّ يتكبر الإنسان على غيره ، خاصة حين يعرف عواقب الكبر وخطورته عند الله تعالى،
ففي الحديث الشريف : لا يدخل الجنةَ من كان في قلبه مثقالُ ذرة من كبر ..
الثاني: العمل والعبادة :
فيرى أنه من أهل الله وغيره حطب جهنم ، وأنه من المقربين وغيره من خشاش الأرض الذين تطأهم الشياطين صباح مساء ..!
ولذا فهو ينظر إلى الناس من برج عاج بعيد ..!
وهذا إما جاهل أو مغرور ، فكونه مغروراً لأنه لا يدري كيف ستكون نهايته ، فالأعمال بالخواتيم ، وهو لا يدري لعل من يسخر منهم ، ينتهي بهم الطريق فإذا هم أولياء لله ، وهو ينقلب إلى العكس من ذلك ..
وأما كونه جاهلاً : فيكفيه شراً أنه احتقر غيره من عباد الله ، في الوقت الذي يسعى إليه هؤلاء للتقرب منه ، لما يرونه من صلاحه ، ويحبون خدمته ، فهم يتقربون إلى الله بحبه ، وهو يتبغّض إلى الله بازدرائهم ..!! وشتان بين الفريقين ..
الثالث : الحسبُ والنسبُ :
والافتخار بهذه في الحقيقة مظهرٌ من مظاهر الجاهلية ،
كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لأحد الصحابة يوم عيّر بلالاً بأنه ابن امرأة سوداء ..!
فصاح به رسول الله : إنك امرؤ فيك جاهلية ..!
وفي الحديث الآخر أن رجلاً افتخر عند موسى عليه السلام بتسعة من أهله ، فأوحى الله إلى موسى قل للذي افتخر : بل التسعة في النار ، وأنت عاشرهم ..
والقاعدة الكبيرة التي قررها الله عز وجل في كتابه هي :
( إن أكرمكم عند الله أتقاكم (
فلا يبقى بعد هذا مكان لمن يريد أن يتباهى ويفتخر بحسبه أو نسبه ، اللهم إلا إذا كان غير مؤمن بهذا الكتاب العظيم , ومنزّله سبحانه وتعالى ..
كن ابن من شئتَ واكتسبْ أدبا *** يغنيكَ محمـودُه عن النـسبِ
إن الفتى من يقول : ها أنا ذا *** ليس الفتى من يقولُ : كان أبي
الرابع : التفاخر بالجمال :
وأكثر ما يجري هذا بين النساء ، وذلك مدعاة إلى تنقّص الآخرين وثلبهم وغيبتهم ، والانجراف مع تيار من المخالفات تتتابع في سرعة ، وهل الجمال دائم لصاحبته ؟!
وهل جزاء شكر هذه النعمة أن يذهب صاحبها إلى تعيير الناس والاستطالة عليهم ؟!
وهل قد أخذت صاحبته صكاً يشهد لها بأنها أجمل الجميلات ، أم أن هناك من هي أجمل منها ، وقد يأتي اليوم الذي تسخر فيه منها ؟ّ
ومن يدري ماذا سيقع من مفاجآت القدر ، فيتشوه هذا الجمال بين ليلة وصبيحتها ، فإذا هي تمسي سخرية للساخرات ؟!
ثم كم من جميلة ، فُتنت بجمالها فأصبحت عانساً ، أو تجرأت عليها أيدي الذئاب البشرية ،أو نفر منها الآخرون حتى أمست وحيدة أشبه بالمنبوذة حتى في محيط معارفها ..؟ وعلى هذا قس ..
الخامس : التكبر بالمال واللباس والمراكب والولد :
وهذا من سخف العقل ، وإلا فكل فهذه ليست سوى نِعَم من الله تعالى ، تنتظر الشكر عليها ، لا تعجيل زوالها ..!
وقد أهلك الله صاحب الجنتين الذي وردت قصته في سورة الكهف ، لأنه كان من هذا الصنف ، كما أهلك الله قارون وخسف به الأرض ، لذات السبب أيضاً..
فليعتبر من كان يصر على أن يمضي في نفس طريق الهلاك هذا ..
ولن يعتبر إلا من كان له قلب ، أو ألقى السمع وهو شهيد ،
أما الحمقى فإنهم لا يعتبرون ، ويصرون على ركوب رؤوسهم ، حتى يصبحوا عبرة للمعتبر ..! ..
السادس : التكبر بالقوة وشدة البطش :
وتلك حماقة ، وإلا فالحمار أقوى منه ، والجمل أشد منه ، وكثير من الحيوانات العجماوات لا يأتي هذا إلى جانبها شيئاً ..
ولقد أهلك الله أقواماً كانوا أقوى منه ، وأشد بطشا .. خفف الوطء فما أنت إلاّ من هذا التراب وإليه تعود ..!
السابع : التكبر بالأتباع من حوله :
وكان جديراً بهذا أن يحمد الله عز وجل أن جعل له تلك المكانة في القلوب ، وأن أوصله إلى تلك المنزلة لدى الآخرين..فهل جزاء الإحسان إلاّ الإحسان .؟
ومن يدري لعل هذه الكثرة من حوله فتنة له من حيث لا يشعر ..
وأخيراً لابد أن نسأل:
ما حقيقة الكبر على التحقيق ؟ هذا السؤال يجيب عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول : ( الكبرُ غمطُ الناس ، وبطرُ الحق (
ومن ثَمّ فالمتكبر ليس سوى فرعوناً صغيراً ، يزدري الناس ، وينظر إليهم من علّ،
فلا يحترم أحداً ، ولا يتأدب مع أحد ، ويرفض النصيحة ، ولا يرتاح إلا حين يستطيل على الآخرين ،
كما أنه لا يرتاح للناصحين ، بل هو منقبض منهم ، متأفف بهم ، ساخر منهم .. الحق عنده ما يراه هو بهواه ، ولذا فهو يرفض ما يشير به الآخرون عليه ..
إنسان مثل هذا تجده يهدر الكرامات ، ويبغي على الناس بغير الحق ، ولذا فقد صدق من ذهب إلى : أن الكبرَ إنما هو مرضٌ نفسي تتوالد عنه أمراضٌ نفسية أخرى جانبية ..!
إذ المتكبر إنما يرى نفسه فقط ، وأما الآخرون إلى جانبه ، فليسو سوى أصفار وهو الواحد الصحيح بينهم ..!
ومن ثَمّ فالمتكبر منتفخ في داخله ، وإن كان في حقيقته خاوياً وما أشبهه في هذا بالطبل الأجوف ، أو البالون المنتفخ ..!
وكفى بهذا ازدراءً عليه ، ولكن المريض النفسي لا يتعظ إلا بقارعة تنزل به فتذكره بحقيقة حجمه ..!
في الختام : يبقى أن نتذكر هذين الحديثين المخوفَين :
يقول الله عز وجل في الحديث القدسي :
( العظمة إزاري ، والكبرياء ردائي ، فمن نازعني فيهما قصمته (
وفي الحديث الشريف يقول الرسول الكريم :
" لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر "
فلا يبقى إلاّ أن نفتش أنفسنا باستمرار ، وفي كل يوم ، ومع نهاية كل ليلة ، حتى لا نتلبس بهذا المرض من حيث لا نشعر ، فنتعرض لسخط الله ونحن نضحك ..!
يا مُظهرَ الكـبر إعجابـاً بصورته ** انـظر خـلاك فإن النـتنَ تثـريـبُ
لو فكـرَ النـاس فيما في بطـونهمُ ** مـا استشعرَ الكبرَ شبّـانٌ ولا شيبُ
أنـفٌ يســيلُ ، وأُذنٌ ريحها سهكٌ ** والعـينُ مرفضّة’ٌ، والثغرُ ملعـوبُ
يا ابنَ الترابِ ومأكول الترابِ غدا ** أقـصـرْ ، فإنك مأكــول ومشـروبُ ..!!
مخطوووف<<<<
غزوووووووووووووووووووووووووووووووووووولة
