• مرحبا ٬ في حال تعتذر تسجيل الدخول ، يرجى عمل استرجاع كلمه المرور هنا

حياتي من جديد

Khaled Ahmed

๑ . . عضو محترف . . ๑
التسجيل
29 أبريل 2005
رقم العضوية
3540
المشاركات
667
مستوى التفاعل
15
الجنس
حياتي من جديد
لاأدري لماذا لبست ثيابي و خرجت في هذه اليلة المظلمة ، وضعت غترتي على رأسي و خرجت لأمشي في هذا المساء البارد ، فتحت الباب فلفحتني نسمة هواء باردة تمس وجهي ذو اللحية السوداء الخفيفة ، نزلت من الدرج فوجدت نفسي على رصيف الشارع ، و أحسست بالبرد يلسع وجنة وجهي ، فأمسكت بطرف الغترة و لففتها حول وجهي و تلثمت ، نظرت الى الشارع فإذا هو خالي ، لاأحد فيه سوى السيارات الواقفة أمام بيوت أصحابها ، و أعمدة الإنارة تضئ الشارع ، لاأدري لماذا أخذت أتجه ناحية اليمين ، و لكن مشيت وأنا أضم يدي في جيب ثيابي ، ورغم لساعات البرد القارصة مشيت ، ربما أكون مجنونا و لكن هناك دافع يدفعني للمشي لاادري ما هو ؟ ، أحسست أنني لو توقفت عن المشي ربما أختنق ، مضيت ماشيا نظرت الى الأشجار تزين رصيف الشارع ، فإذا هي تتمايل يمنة و يسرة ، وكأنها ترقص ، ولكن لاأظنها ترقص فرحا بل هي مرتعدة من شدة البرد مثلي ، فأصبحت مثلها أنتفض من البرد ، وكأننا نتبادل نفس الشعور ، مضيت في الشارع و السكون يلف المكان ، هدوء لايسمع سوى حفيف الأشجار و قد حضنتها النسمات الليل الباردة و هي ترقص ، و رفعت رأسي قليلا فإذا القمر يظهر من بين السحب على إستحياء ، و كأنه وجه حسناء تزيح النقاب عن وجهها المنير رويدا رويدا كي لا تصعق الناس بنور و جهها الوضاء الباهر ، و النجوم تحيط بها من كل الجوانب و كأنها درر متناثرة على صفحة السماء ، مضيت أمشي، لاأدري لماذا و لكن مشيت و ضللت أمشي ، لا أدري كم من الوقت قد مضى و أنا أمشي ، و فجأة إذ بإنارة قوية على وجهي و صو ت شديد يقترب مني مسرعا ، إنها سيارة تشق سكون هذا الليل بصوتها المزعج ، وقد قطعت على خلوتي ، و كرهت صاحب السيارة و لكن الحمد الله أنها إنطلقت بسرعة لم تستغرق وقتا و عاد الهدوء مجددا ، و مضيت أمشي ، و أنظر الى رصيف الشارع ، و كأنني أراه لأول مرة ، لأول مرة أنتبه لهذه الألوان التي تزين الرصيف و حجم إشارات المرور ، كنت أراها عندما أقود سيارتي و لكن لم أكن أعيرها إنتباها ، لقد كانت كبقية الأشياء التي مرت في حياتي دون ان أعيرها إهتماما رغم أهميتها ، فلو أن إشارة التقاطع هذه لم تكن قي مكانها ؟ لما أدركت ان على أن أخفف السرعة عند الإقتراب من المنعطف لكي أضمن سلامة العبور للطريق الأخر وأن لا تصدمني سيارة مسرعة من الجهة المقابلة ، رغم ذلك لم أدرك أهميتها إلا الأن ، ومضيت ماشيا تاركا إشارة التقاطع خلفي ، ووصلت الى تقاطع الشارع ، وإحترت ، هل أمضي عابرا الطريق الى الشارع المقابل من الحي الأخر ، أم أكمل طريقي سالكا يمين الشارع بقرب حيينا ؟ ، قررت أن أكون قريبا من حيينا لأني أشعر بالأمن و الدفء كلما تذكرت أني قريب من البيت ، قررت المشي يمينا ، و لأول مرة أنتبه لهذه البيوت و هذه التصاميم لأبوابها الجميلة الملاصقة لبيتنا ، فهذا بيت أبو راشد ، جميل و رائع التصميم ، و هذا بيت أبو سالم ، يالجمال الإنارة على أسوار جدار بيته الرائع ، مازال البرد يداعب وجهي رغم أنني درعته بالغترة لحمايته و لكن أحسست بالبرد و هو يهوي على وجهي بلساعات لاذعة ، وقررت المشي أكثر و أكثر ، لاأدري لماذا لأول مرة أنتبه لهذه الأشياء التي كانت غافلة عني ، رغم صغرها و تفاهتها أحيانا ، ولكن لها أهميتها الكبيرة ، هل هذا هو ما كان يجب علي ان أنتبه له في حياتي ؟ ، ربما لأول مرة أرى فيها الشارع بهذا الشكل ، أنه جميل مع خطوطه البيضاء التي تبين مكان الوقوف و مكان التجاوز و غيرها من الأمور ، لقد وصلت الى طرف الشارع لمنتطقتنا و مازال القمر خلف السحب السوداء كلثام يغطي وجه حسناء فاتنة على إستحياء ، هل أرجع للخلف عائدا الى البيت ؟ أم أنعطف ناحية اليمين و أكمل المسير ؟ ، أحسست بالدفء يسري في عروقي كلما مشيت أكثر و كأنها جيوش جرارة تحاول الدفاع عني ضد هجوم وخزات البرد القارصة التي تصيب وجهي ، و قررت أن أكمل المسير .
لأول مرة أنتبه الى حديقة جاري أبو محمد أنها رائعة ، لقد أكملت في هذه المنطقة قرابة عشر سنين و لم يخطر ببالي جمال حديقة جاري أبو محمد ، إنه جاري الخلفي لبيتي ، يالجمال هذه الأزهار في هذه الليلة و تحت أضواء مصابيح الشارع ، و ددت أني قطفت وردة ، ولكنني لاأستطيع أن أفعل فوجودها هنا أفضل من أن تكون في يدي ، فهي هناك ملك للجميع أما في يدي فهي لي وحدي ، وستذبل بسرعة ، مضيت ماشيا و نظراتي على هذه الحديقة الجميلة ، وفجأة بهرعيني ضوء مصابيح سيارة قادمة و صوتها يشق سكون الليل مجددا ، ولكن بهدوء و سكينة ، و كأن صاحبها يعلم أني في خلوة لا يريد أن يفسد على لحظاتي الجميلة ، و مرة بجانبي بسرعة بطيئة ، لقد عرفته انه أبو راشد لابد أنه عائد الى منزله ، ولكنه لم ينتبه الي ، كما هي العادة بالنسبة الي ، فحين أقود سياري لا أعير إنتباها لمن يمشون على الشارع ، ربما هذه حياتي هكذا دائما ، كم من أشياء جميلة مرت علي في حياتي و لم أنتبه لها و لم أعيرها إنتباها أو إهتماما ، و صلت الى نهاية الشارع ، ولم أتوقف لأختار ، لأنني أعلم أني سأنعطف ناحية اليمين للوصول الى البيت ، ومازال البرد يصاحبني في خلوتي ، و لكن أحسست أن جيوش الدفء و الحرارة بدأت تقطف ثمار أنتصارها على لسعات البرد ، لتعلن عن وصولها الى وجهي ، وقرب إنتصارها في هذه المعركة ، وصلت الى الشارع الذي يقع عليه منزلي ، كم من المرات دخلت هذا الشارع وأنا أقود سيارتي دون ان ألاحظ اللوحة الجديدة الي تحمل إسم الشارع ، لقد كانت اللوحة جميلة و بخط جميل ، يقرؤه الكل ، لكن ليس أنا ، لأنه ليس لدي الوقت لكي التفت الى هذه الأشياء الجميلة الصغيرة ، و مضيت ماشيا و أنا افكر في الإشارات و اللوحات التي مرت في طريق حياتي و لم أعيرها إنتباها ، كم كنت مغفلا ومشغولا بعملي عن ملاحظة هذه الأشياء الجميلة ، لقد أحسست أني أضعت عمري في أشياء لا تستحق ، هل هذه هي حياتي ؟ لاأدري ، لقد إقتربت من منزلي ، كم هو جميل منزلي ، لقد قمت بوضع تصاميمه بنفسي ، ولكن لم أجد الوقت الكافي لأراه بصورته كما أراه الأن ، إنه جميل و لكن يحتاج الي المزيد من العناية ، إنها عشر سنوات ، و لابد أنها أثرت به ، لابد أن أعتني بالمنزل .
دخلت منزلي وقد أعلنت الحرارة و الدفء إنتصارها على جيوش البرد القارص ، و إذا بي أسمع إبني الصغير يقول : أمي لقد عاد أبي من الخارج ؟ ، جاءت زوجتي و هي مستغربة : أبا أحمد لماذا خرجت في هذا الوقت البارد من الليل ؟ هل أنت بخير ؟ أم هو عمل كالعادة ؟ نظرت الى زوجتي كم هي جميلة زوجتي ، كيف لم أنتبه الى جمالها و نضارتها لقد مضت عشر سنوات حين رأيتها كما أرها الأن ، و بعد زواجنا لم أرها ابدا ، رغم أنها كان معي في المنزل و في حياتي ، كم كنت غافلا عنها ؟ إقتربت منها قبلتها على جبينها و هي مستغربة و مندهشة ، هل أنت بخير يا أبا أحمد ؟ سألتني زوجتي ، هل أصابك مكروه لاسمح الله ؟ ، إبتسمت و قلت : لا ، و لكن كنت أحدث صديقا في الخارج ، و صحبني في المشي ، قالت : من هو يا أبا أحمد ؟ قلت : لا تعرفينه ، قالت : حسنا إن العشاء جاهز و الأولاد ينتظرونك لتأكل معهم ، قلت : لحظة ، و فتحت باب المنزل ، و نظرت الى سماء الليل الدامس و أنا أبتسم قائلا : شكرا أيها الصديق الوفي ، فقد عرفتني بنفسي ، و أغلقت الباب وتوجهت نحو زوجتي ووضعت يدي على كتفها و توجهنا ناحية غرفة الطعام لنبدأ العشاء و تبدأ معه حياتي من جديد .

بقلم : خالد أحمد
باريس فرنسا
22 / فبراير/ 2004 م
2 / محرم / 1425 هـ
 

معاني

::أديبة البرزة ::
التسجيل
24 نوفمبر 2004
رقم العضوية
2489
المشاركات
7,525
مستوى التفاعل
39
الجنس
الإقامة
قلب زايـد
اعادة : حياتي من جديد

حلو ان الانسان في لحظات يحاسب نفسه و يكتشف ان حياته تحتاج الى تجديد ...

يعطيك الصحه و العافية ..
 

قناص الآريام

๑ . . زائر . . ๑
التسجيل
12 مارس 2005
رقم العضوية
3262
المشاركات
4,060
مستوى التفاعل
101
الجنس
الإقامة
uae
اعادة : حياتي من جديد

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

خالد احمد

مرحبا أخوي

جميل ما خطه حبرك هنا

دمت بخير ونعمه

عسى الله يحفظك

أخوك قناص الآريام
 

Khaled Ahmed

๑ . . عضو محترف . . ๑
التسجيل
29 أبريل 2005
رقم العضوية
3540
المشاركات
667
مستوى التفاعل
15
الجنس
رد : حياتي من جديد

شكرا لكم وانتظروا الجديد في القريب العاجل
 

ياروح الروح

๑ . . عضو مشارك . . ๑
التسجيل
26 سبتمبر 2005
رقم العضوية
4057
المشاركات
190
مستوى التفاعل
8
الجنس
الإقامة
عْ ــَــالّمِيـ الْخّ ـَـاصْـ ❥
رد : حياتي من جديد

جميل اخوي خالد ماكتبت
ولاجمل ان الانسان يكتشف اخطائه بنفسه قبل مايكشفها الاخرين
ويصححها
اتمنى كل انسان يجلس مع نفسه ولو ساعه ويكتشف ماذا فعل من لاخطاء هل ظلم او هل مظلوم ويسعى لتصحيح اخطاءه لكانت الدنيا بخير

تسلم يدك
ونتظر جديدك
 

سمسوم خصب

๑ . . عضو متميز . . ๑
التسجيل
12 سبتمبر 2005
رقم العضوية
3992
المشاركات
592
مستوى التفاعل
7
الجنس
الإقامة
قصر سمسوم
رد : حياتي من جديد

مشكووووووور ع الموضوع


ونترياااا يديدك
 

Khaled Ahmed

๑ . . عضو محترف . . ๑
التسجيل
29 أبريل 2005
رقم العضوية
3540
المشاركات
667
مستوى التفاعل
15
الجنس
رد : حياتي من جديد

أشكركم جميعا علي القلوب التي تحملونها في صدوركم ، فهي كنوز قل ان تجدهل في الناس في مثل هذا الزمن ، فشكرا لكم لتذوقكم هذه القصة بأرواحكم ونفوسكم ، وشكرا لأنها لا مست منكم وترا جميعا فعزفت قيثارتكم أغنية يشدو بها قلبي قبل قلوبكم ، ويتردد صداها في خاطري قبل منتداكم ...فلكم مني الشكر و التقدير .
 

حورالامارات

๑ . . عضو مؤسس . . ๑
التسجيل
24 مايو 2004
رقم العضوية
1680
المشاركات
12,942
مستوى التفاعل
83
العمر
45
الجنس
الإقامة
راس الخيمة الحبيبة
رد : حياتي من جديد

اعذرني على تاخري بالرد ..

فلم اتعود ان اتناسى قصصك ..



من الجميل ان يختلى الانسان بنفسه ...

يرى كل شي على طبيعتها


اليس كذلك يا خالد
 

سما الوفى

๑ . . عضو ذهبي . . ๑
التسجيل
12 يونيو 2004
رقم العضوية
1860
المشاركات
3,497
مستوى التفاعل
39
الجنس
رد : حياتي من جديد

تسلم ياااااااااااااا أخوي
 

بنت الجادي

๑ . . عضو فعال . . ๑
التسجيل
11 يونيو 2006
رقم العضوية
4861
المشاركات
427
مستوى التفاعل
1
الجنس
الإقامة
دبي
رد : حياتي من جديد

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ماشاء الله عليك أخوي مبدع كلامك واايد حلو ووصفك واايد دقيق وقمة في الجمال

فعلا ً لازم الواحد يراجع نفسه في كل الي سوااه ويغير الأشياء السلبيه الي فييه

مشكوور أخوي وما قصرت ...

واتمنى لك التوفيق ...

تقبل تحياتي ..


بنت الجادي
 
عودة
أعلى