• مرحبا ٬ في حال تعتذر تسجيل الدخول ، يرجى عمل استرجاع كلمه المرور هنا

-- { رَغْ ـــدْ - - أَنْتِـــيٍ لِـــيِ - - أَنْتِـــيٍ لِـــيِ } --

جرحي جديم..!

๑ . . عضو مؤسس . . ๑
التسجيل
29 مارس 2006
رقم العضوية
4674
المشاركات
15,223
مستوى التفاعل
541
الجنس
الإقامة
rak
رد: -- { رَغْ ـــدْ - - أَنْتِـــيٍ لِـــيِ - - أَنْتِـــيٍ لِـــيِ } --

أخيرا جاء دوري !




صرتم تعرفونني جميعا ...



اسمي رغد ، و أنا يتيمة الأبوين أعيش في بيت عمّي الوحيد شاكر منذ الطفولة .

أنهيت دراستي الثانوية مؤخرا و أفكر في الالتحاق بكلية للفنون و الرسم . أعشق الرسم كثيرا و أنا ماهرة فيه .



الجميع يعرفني برغد المدللة ، حيث أنني تعودت منذ الصغر الحصول على كل ما أريد ، و بأي طريقة !



اليوم نقيم في منزلنا الصغير حفلة متواضعة بمناسبة تخرجي من المدرسة الثانوية . لم يتسن لنا إقامتها قبل الآن لأن والدتي ـ أي زوجة عمي ـ كانت متوعكة الصحة .


في الواقع ، صحة والدتي ليست على ما يرام منذ سنين ...









دانه تبالغ في وضع المساحيق لتبدو ملفتة للنظر !


رغم أنها لم تكن ترحب بفكرة الحفلة ، إذ أننا لم نقم حفلة عند تخرجها ، ألا أنها مصرة على سرقة الأضواء مني هذه الليلة !



إنها حفلة بسيطة و لا تقتض منك كل هذا ! تبدين كعروس بكامل زينتها !



قلت لها و أنا واقفة أراقبها و هي ( مزروعة ) أمام المرآة منذ ساعات !



لم تلتفت إلي ، و قالت :


ما دمنا قد دعوناهن، فلنبهرهن ! قد تعجب بي إحداهن فتخطبي لأخيها مثلا !



و ابتسمت بدهاء !



أنا أعرف من تقصد تحديدا ... لديها صديقة من عائلة ثرية جدا و شقيقها رجل تحلم نصف فتيات العالم بالزواج منه ، أما النصف الآخر فيبغضه بشدة !


إنه لاعب كرة قدم مشهور و صوره تملأ الصحف و المجلات و برامج التلفاز أيضا!


قلت :


لا أعرف ما الذي يعجبكن في شخصية كهذه ! إنه حتى لا يتوقف عن توزيع الضحك و الابتسامات و كأنه مهرج !




نظرت إلي بحدة من خلال المرآة ، ثم قالت :



على كل ٍ ، الأمر لا يعنيك فأنت أخذت نصيبك و انتهى دورك !





ثم انشغلت بتزيين خصلة من شعرها بسائل ملمّع ...





صرفت نظري عنها ، إلى يدي اليمنى ، بالتحديد إلى إصبعي البنصر ، و بمعنى أدق ، إلى خاتم الخطوبة الذي أضعه منذ سنين ...





بمجرد أن بلغت الرابعة عشر من عمري أي قبل ثلاث سنوات و أكثر ، تم عقد قراني على ابن عمي سامر ...

و بقينا مخطوبين حتى إشعار آخر .




سامر ... يكبرني بخمس سنوات تقريبا ، و ما أن تخرج من الثانوية حتى بادر بطلب الزواج مني




والدي ، بل و والدتي و دانة أيضا ... الجميع كان يريد ذلك ، فأنا أصبحت فتاة بالغة و لم يكن من الممكن بقائي و ابن عمي في بيت واحد دون حرج على كلينا




عدا عن ذلك ، فإن سامر يحبني بجنون !




كما و أنني كنت السبب في الحادث الذي شوه وجهه ، و قلل فرصه لنيل إعجاب الفتيات قطعا



أما أنا ، و بالرغم من كوني جميلة أيضا ، ألا أن هذا الخاتم يصرف الجميع عن الالتفات إلي ...



على أية حال نحن لا نفكر في الزواج الآن فسامر لا يزال يبحث عن وظيفة
و أنا أطمح إلى الحصول على شهادة جامعية ...






نبهتني دانة من شرودي الذي لاحظته من خلال انقطاعي عن التعليق المستمر على مظهرها



قالت :


أين سرحت ؟ ألن تبدلي ملابسك ؟ إنهن على وشك الوصول !




غادرت غرفتها و اتجهت إلى غرفتي ، حيث ارتديت فستاني الجديد الرائع ... و الذي أضطر والدي لشرائه لي رغم ارتفاع ثمنه ، فقط لأنني قلت : أريده لي !
 

جرحي جديم..!

๑ . . عضو مؤسس . . ๑
التسجيل
29 مارس 2006
رقم العضوية
4674
المشاركات
15,223
مستوى التفاعل
541
الجنس
الإقامة
rak
رد: -- { رَغْ ـــدْ - - أَنْتِـــيٍ لِـــيِ - - أَنْتِـــيٍ لِـــيِ } --

كان فستانا خمري اللون مطرزا بخيوط ذهبية ، طويل الذيل ، و بدون كمّين ، مما يسمح للندبة القديمة في ذراعي اليسرى بالظهور ...






أكملت زينتي و تحليت بطقم العقد الذهبي الذي أهدتني إياه والدتي قبل أيام ...



حينما لففت السوار حول معصمي الأيسر ، لم يبدُ منظره متناسقا مع الساعة ...

إذ أن السوار ذهبي بينما الساعة فضية اللون ...



هممت بخلعها ، لكنني لم أستطع ... لا أريد أن أبقيها بعيدة عني في هذه الليلة ...



لطالما كانت قريبة مني و ملتصقة بي ...



لم أكن آبه لتعليقات زميلاتي المزعجة حول ارتدائي لساعة رجالية !

إنها شيء لا أستطيع التخلص منه ... تماما كهذه الندبة !





نزعت السوار الذهبي ، و حاولت لفه حول معصمي الأيمن ففشلت !


سحقا !


صحت بغضب ، في ذات اللحظة الذي طرق فيها الباب ...


لابد أنها دانه جاءت تقارن بين مظهرينا كالعادة !



ادخل




قلت ذلك و أنا مازلت أحاول إغلاق السوار بيدي اليسرى حول معصمي الأيمن دون جدوى



مساء الخير !



لم يكن هذا صوت دانه ، بل سامر



رفعت بصري إليه و باندفاع قلت :



سامر ، هل لا أغلقت هذه قبل أن أحطمها ؟



و أقبلت نحوه أمد إليه بمعصمي الأيمن و بالسوار ...




رويدك ! هاتي ..







و أغلق السوار حول يدي اليمنى ، فسحبتها ألا أنه أمسك بها و قال :



تبدين رائعة ! جدا




تورد خداي خجلا .. ثم قلت :



مساء النور ... ! هل قلت ُ ذلك ؟


ابتسم ، و قال :


لا أظن !


إذن مساء النور !





ثم سحبت يدي فأطلقها



توجهت إلى سريري ألملم الأشياء التي بعثرتها أثناء تزيين نفسي ، و دخل سامر و أغلق الباب ...




رغد



ناداني بصوت مرح و بابتسامة مشرقة ، و سعادة تملأ عينيه


نعم ؟


أقبل نحوي ، و عاد يمسك بيدي و قال :


لدي خبر سار جدا



ابتسمت و قلت :


هات ؟


لقد عثرت على فرصة ذهبية للعمل في وظيفة مرموقة




فرحت كثيرا ! قلت بسرور :



حقا ! أوه أخيرا ... ممتاز !




شد سامر قبضته على يدي و قال منفعلا :




أخيرا ! كم أنا سعيد و لا يتسع صدري لفرحتي هذه ! سأحصل على راتب عظيم !





بالنسبة لنا فهذا شيء مهم جدا ، لأن أحوالنا المادية كانت في انحطاط بسبب ظروف الحرب ، و كنا بحاجة لدعم مادي جيد .




قلت :



متى تباشر العمل ؟


حالما أنهي الإجراءات اللازمة . سأحاول إتمامها خلال يومين أو ثلاثة


وفقك الله



قرب سامر يدي من صدره ، و قال :



يجب أن نحدد موعد الزواج




تفاجأت ، فنحن لم نتحدث عن الزواج بجدية بعد ...



حالما رأى سامر علامات التعجب ظاهرة على وجهي قال :



عملي سيكون في مدينة أخرى ، و أريد أخذك معي



سحبت يدي مجددا ، في توتر ..



فالخبر قد فاجأني ، و لم يعجبني ... قلت :


في مدينة أخرى ؟ ... لم عليك الذهاب لمدينة أخرى ؟

قال :


تعرفين كم هو صعب العثور على وظيفة جيدة بسبب ظروف البلد ... إنها فرصة لا يمكنني رفضها مطلقا . أخبرت والدي ّ فشجعا ذهابي



صرفت نظري عنه إلى الأرض بضع ثوان ، ثم عدت أنظر إليه و قلت :


و شجعا زواجنا ؟



ابتسم ، و قال :


لم أذكر ذلك لهما بعد . أود أن نناقش الأمر نحن أولا




من البرود الذي اعترى تعابيري أدرك سامر عدم موافقتي ، فقال :


لم لا ؟


قلت :


و الكلية ؟؟


قال :


الكلية ... هل هناك ضرورة لها ؟

بالطبع ... أريد أن أدرس ، إنها فرصتي





صمت سامر قليلا ، ثم قال :


اصرفي نظر عنها يا رغد أرجوك ... أنا لا أريد تضييع الفرصة ، كما لا أريد العيش وحيدا هناك ... تعلمين أنني لا أستطيع الابتعاد عنك ...







و أخذ ينظر إلى نظرات رجاء و أمل ...


كنت على وشك قول : لنؤجل النقاش في الأمر لوقت أنسب لأن ضيفاتي على وشك الوصول



ألا أن طرق الباب سبقني ، و دخلت دانة مباشرة و هي تقول :



رغد ! ألم تنتهي ؟ وصلت نهلة !



التفتنا أنا و سامر نحو دانة ، و التي أخذت تحدق بي قليلا ثم التفتت إلى سامر و قالت :



أنت هنا سامر ؟ قل لي كيف أبدو ؟ أليس فستاني أكثر جمالا من فستان رغد ؟



سامر أخذ يدور ببصره بيننا ثم قال مداعبا :



أنا لا أصلح للحكم بين خطيبتي و أختي ! فخطيبتي ستبدو أجمل في كل مرة !




ثم انصرف مسرعا و هو يضحك .



بقينا نحن الاثنتان كل منا تتأمل الأخرى ، حتى وقعت عينا دانه على ساعة يدي ، فقالت بحدة :



رغد ! ستبدين في منتهى السخافة هكذا ! اخلعيها و لا تحرجينا أمامهن !



نظرت إليها بغضب و قلت بعناد :
 

جرحي جديم..!

๑ . . عضو مؤسس . . ๑
التسجيل
29 مارس 2006
رقم العضوية
4674
المشاركات
15,223
مستوى التفاعل
541
الجنس
الإقامة
rak
رد: -- { رَغْ ـــدْ - - أَنْتِـــيٍ لِـــيِ - - أَنْتِـــيٍ لِـــيِ } --

لن أخلعها ، و سأظل الأجمل أيضا !

في غرفة الضيوف حيث نقيم الحفلة ، وجدت نهلة و سارة ، ابنتا خالتي قد وصلتا و كانتا أول من حضر .





واو ! فستان رائع ! ما أجمله يا رغد !


قالت نهلة و هي تبعد يدها بعد مصافحتي ...


نهلة كانت صديقة طفولتي الأولى ، و انتقلت مع عائلتها للعيش في هذه المدينة مثلنا أيضا منذ سنين ، و لا تزال أفضل صديقة لدي .


أما سارة فهي الشقيقة الوحيدة لنهلة ، و تصغرني بست سنوات ، و تلازم نهلة كالظل !




هل أعجبك حقا ؟ اشتراه والدي بسعر مرتفع ! إنني أعامله كأي قطعة من حليي هذه !



ابتسمت نهلة و قالت :



كم أحسدك ! لديك أب يدللك كما لا يدلل والد ابنته ! رغم أنك لست ابنته الحقيقية !






هذه الكلمة تزعجني كثيرا ، فأنا لا أحب أن يشير أحد إلى والدي ّ بأنهما ليسا والدي ّ الحقيقيين . إنني اعتبرتهما كذلك منذ الصغر و لا أعرف والدين غيرهما مطلقا .




قلت بنبرة مازحة :


لأنني البنت الصغرى ، و آخر العنقود ... يجب أن أتدلل !


ثم نظرت إلى سارة و قلت :


أليس كذلك سارة ؟


أجابت ببرود :


كما تقول أختي


رفعت نظري عن هذه الفتاة البليدة ، و عدت أخاطب نهلة :


و كيف حال خالتي و زوج خالتي ؟ و حسام ؟


أجابت :


بخير جميعا ! حسام أوصلنا إلى هنا و أظنه يلقي التحية على والدك الآن


ثم أضافت ، و هي تنظر إلي من زاوية عينها بخبث :


و على فكرة ، هو يبعث إليك أيضا بتحية حارة مشتعلة !!
 

جرحي جديم..!

๑ . . عضو مؤسس . . ๑
التسجيل
29 مارس 2006
رقم العضوية
4674
المشاركات
15,223
مستوى التفاعل
541
الجنس
الإقامة
rak
رد: -- { رَغْ ـــدْ - - أَنْتِـــيٍ لِـــيِ - - أَنْتِـــيٍ لِـــيِ } --

رفعت إصبعي السبابة الأيمن و ضربت جبينها ضربة خفيفة و أنا أقول :


لا تتوبين !


و انبعث ضحكاتنا تملأ الأجواء .







ما إن حضرت صديقتنا الثرية حتى استقبلتها دانه استقبالا حميما ، و أولتها اهتماما مركزا طوال الحفلة !



أتساءل ... هل هذا ما يحدث مع جميع الفتيات !

هل يجذبن العرسان إليهن بهذه الطريقة ؟؟

حقيقة لا أعرف !











بينما كنا في أحاديثنا المتواصلة في الحفلة ، سألتني هذه الصديقة :


هل أنت مخطوبة !


و كانت تنظر إلى خاتم الخطوبة المطوق لإصبعي ، و في دهشة واضحة !



تولت دانة الإجابة بسرعة :


ألم أخبرك مسبقا ؟ إنها و شقيقي مرتبطان منذ زمن !



قالت الصديقة :


و لكن ... تبدين صغيرة !


و مرة أخرى تدخلت دانة قائلة :


تصغرني بعامين و بضعة أشهر ، لكن حجمها صغير !




صحيح أن طولي لا يقارن بطول دانه أو سامر ، لكنني لست قصيرة ! بل هما الطويلان كما هما أبي و أمي !



إنني أبدو بالفعل لست من هذه العائلة !



قلت مداعبة :


هذا يجعلني قادرة على ارتداء الأحذية الأنيقة ذات الكعب العالي المتماشية مع الموضة ! على العكس من دانة !




و ضحكنا جميعا بمرح ...










قضينا سهرة ممتعة أنستني تماما موضوع سامر الأخير .



و بعد الحفلة ، أويت إلى فراشي مباشرة و نمت بسرعة ، دون أن يخطر الموضوع ببالي .



في اليوم التالي ، و فيما أنا منشغلة برسم لوحة جديدة في غرفتي ، جاءني سامر ...





ألم تتعبي ؟ قضيت فترة طويلة في الرسم !

الرسم لا يتعبني مطلقا يا سامر ، بل أهواه و أجد راحة كبرى أثنائه و سعادة غامرة لا أجدها مع أي شيء آخر


قال :


و لا حتى معي أنا ؟؟




كان سامر يقف إلى جانبي يتأمل رسمي الجديد ... و كنت أنا أدقق النظر في اللوحة و ألقي عليه نظرة بين الفينة و الأخرى



و حين نطق بجملته الأخيرة هذه ، أطلت النظر إليه ، فشعرت بالخجل و طأطأت رأسي





رغد ...



لم أجب ...


مد سامر يده فامسك بوجهي و رفعه للأعلى ...



قال :


رغد ... هل فكرت بموضوعنا ؟





في تلك اللحظة فقط تذكرت الموضوع !

آه يا إلهي كم هي ضعيفة ذاكرتي !




سامر كان يتحدث باهتمام ... فالأمر يعني له الكثير ، و قد قضى وقتا طويلا في البحث عن عمل ...



لم أشأ أن أصيبه بخيبة بقولي : كلا



فقلت :

لازلت أفكر ...




سامر قال بنبرة مليئة بالرجاء :


أرجوك يا رغد ... يجب أن أبدأ الإجراءات المطلوبة قبل أن تضيع الوظيفة


نظرت إليه و قلت :


ماذا لو ... عملت أنت هناك ، و أكملت دراستي أنا هنا ... ثم ...



لم أتم جملتي ، إذ أن سامر هز رأسه اعتراضا و قال :


لا ... إما أن نذهب سويا ... أو نبقى سويا ...






كنت أدرك أن سامر لا يستطيع الابتعاد عنا ، كما أن علاقاته بالآخرين محدودة و كثيرا ما كان يتجنب الاجتماعات المختلفة ، ليتلافى الحرج من وجهه المشوه .



حتى أنه حين أراد إكمال دراسته ، اختار مجالا لا يدع له الفرصة للاحتكاك بالآخرين
إلا نادرا


سامر ... هو شخص هادئ و مسالم ... و طيب القلب ...



قلت :


دعنا نأخذ برأي أبي و أمي كذلك ... يجب أن تتم أنت الإجراءات الآن ، فيما نفكر بروية


ابتسم سامر و قال :



سأذهب الآن لإنجاز ذلك ، و أعرض الأمر على والدي ّ الليلة ! سنفاجئهما !




ابتسمت ابتسامة قلقة حائرة ، و تركته يذهب و واصلت رسم لوحتي ...

كنت مصرة على إنجاز تلك اللوحة بأسرع وقت ...






و في الليل ، تركت سامر يذهب إلى غرفة والدي لعرض الفكرة ، فيما بقيت في غرفتي في قلق و حيرة ... و أخذت أفكر ...




و يبدو أن كثرة التحديق في اللوحة أصابت عيني بل و جسدي بالإعياء ، فأغمضتهما و لدهشتي استسلمت للنوم !





أفقت بعد ذلك فزعة على صوت طرق متواصل على الباب ...
 

جرحي جديم..!

๑ . . عضو مؤسس . . ๑
التسجيل
29 مارس 2006
رقم العضوية
4674
المشاركات
15,223
مستوى التفاعل
541
الجنس
الإقامة
rak
رد: -- { رَغْ ـــدْ - - أَنْتِـــيٍ لِـــيِ - - أَنْتِـــيٍ لِـــيِ } --

نهضت عن سريري بفزع ... و أصغيت إلى الهتاف ...



رغد ... رغد افتحي ... افتحي بسرعة !




كانت دانة !


سرت إلى الباب بسرعة و ارتعاش و أنا في قمة القلق ...



و قبل أن أصل إليه رأيته ينفتح و تدخل دانة في انفعال ...




كانت في حالة يصعب علي وصفها ...



كان جسدها يرتعش ، و أنفاسها تتضارب و تتلاحق بسرعة عبر فيها المفغور ... ذراعاها مفتوحتين ... و يداها مرفوعتين

و أصابعها منفرجة ، و تهتز بشدة ...

و الدموع تنهمر بغزارة على خديها



قلت في هلع و أنا أرفع يدي إلى قلبي من الذعر :


دانه ... ماذا حدث ؟؟

رغد ... رغد ...

و عادت تلهث ...

رغد ... رغد ... أخي ... أخي ...

تجمّدت و انحبس نفسي الأخير في صدري ...

حاولت قول : ماذا ...

ألا أنني عجزت من الذعر ...





هززت رأسي و أنا أشد الضغط بيدي على صدري فوق قلبي ، كمن يحاول حماية قلبه من تلقي صدمة ما ...



كانت دانة تحاول النطق و عجزت إلا عن إصدار أصوات مبهمة ، و أشارت إلي أن اقترب ...



خطوت خطوة نحوها و نطقت أخيرا :


سامر ...



هزّت دانة رأسها و قالت بصوت لا أعرف من أين خرج ...




و ...

و ...

وليد ...

وليد عـــــــــــــــــــــــــــــاد

























للحظة ... ظللت أحدق في دانة ... في تشتت

لم أكن أعرف ... هل هذا واقع أم أحد أحلامي ... ؟

تلفت من حولي علّي أرى شيئا واضحا أكيدا بالنسبة لي ...

كل شيء كان مبهما ...






دانة عادت تقول :


وليد قد عاد ... عاد يا رغد ... عاد





لم تكن كلمات واضحة بالنسبة لي ... و بقيت واقفة على نفس الوضع ...

فأقبلت دانة نحوي و أمسكت بكتفي و ضغطت عليهما ...




لمجرد إحساسي بيديها على كتفي أدركت أنه ليس حلما








لم أشعر بأي شيء يتحرك في جسدي لكنني رأيت الجدران تتحرك بسرعة و الأرض تجري من تحت قدمي ّ و الطريق يقودني إلى خارج الغرفة ...

و أطير ...
 

جرحي جديم..!

๑ . . عضو مؤسس . . ๑
التسجيل
29 مارس 2006
رقم العضوية
4674
المشاركات
15,223
مستوى التفاعل
541
الجنس
الإقامة
rak
رد: -- { رَغْ ـــدْ - - أَنْتِـــيٍ لِـــيِ - - أَنْتِـــيٍ لِـــيِ } --

نحو مصدر أصوات البكاء التي أسمعها منبعثة من مكان ما في المنزل ...

بالتحديد ... مدخل المنزل ...






و عند أعلى الدرجات المؤدية إلى المدخل ...

توقف الكون فجأة عن الحركة من حولي ...





و ترنحت ذراعاي إلى جانبي ّ ...


و تشبثت أنظاري بالصورة التي ظهرت أمامي ...


و تمركزت فوق العينين السوداوين اللتين تعلوان الرأس العريض الثابت فوق ذلك الجسد الطويل ....
 

جرحي جديم..!

๑ . . عضو مؤسس . . ๑
التسجيل
29 مارس 2006
رقم العضوية
4674
المشاركات
15,223
مستوى التفاعل
541
الجنس
الإقامة
rak
رد: -- { رَغْ ـــدْ - - أَنْتِـــيٍ لِـــيِ - - أَنْتِـــيٍ لِـــيِ } --

ما أن خرجت من السور الضخم العملاق المحيط ببنايات السجن ، حتى وجدت سيارة تقف على الطريق المقابل ، و إلى جانبها يقف رجل عرفت فورا أنه صديقي الحميم سيف ...




كنت أسير ببطء شديد ، خشية أن أفيق مما ظننته مجرد حلم ... حلم الحرية ...



أنظر إلى السماء فأرى الشمس المشرقة تبعث إلى بتحياتها و أشواقها الحارة


و أرى الطيور تسبح بحرية في ساحة الكون ... بلا قيود و لا حواجز ...


و أتلفت يمنة و يسرة فتلفحني أنسام الهواء النقية ... عوضا عن أنفاس المساجين المختلطة بدخان السجائر ...


لن أطيل في وصفي لشعوري ساعتها فأنا عاجز عن التصوير ...





تعانقنا أنا و صديقي سيف عناقا حارا جدا و لا أعرف لماذا لم تنصهر دموعي ذلك الوقت !


أ لأنني قد استنفذتها في السنوات الماضية ؟؟

أم لأنني كنت في حالة عدم تصديق ؟؟

أم لأنني فقدت مشاعري و تحجر قلبي و تبلد إحساسي ...؟؟





حمد لله على خروجك سالما أيها العزيز



قال سيف و هو يعانقني وسط بحر من الدموع ...


و يدقق النظر إلى تعابير وجهي الغريبة و عيني الجامدة

و أنفي كذلك !



قلت :


عدا عن كسر بسيط في الأنف !




و ضحكنا !






قلت :


فعلها والدك ؟




ابتسم و قال مداعبا :



والدي و أنا ! بكم تدين لي ؟؟


بعشر سنين من عمري أهديها لك !






ركبنا السيارة و ابتدأ مشوار العودة ... الطويل



كان المقعد جلدي قد أحرقته الشمس ، و ما إن جلست عليه حتى سرت حرارته في جسدي فحركت فيه حياة كانت ميتة ...



طوال الوقت ، كنت فقط أراقب الأشياء تتحرك من حولي ...

الطريق ...

الشارع ...

الأشجار

كل شيء يتحرك ...

بعد أن قضيت 8 سنوات من الجمود و السكون و الموت ...





8 سنوات من عمري ، ضاعت سدى ... فمن يضمن لي العيش ثمان سنوات أخرى ...

أو أكثر

أو أقل ؟؟





دهشت لدى رؤية آثار الحرب و الدمار ... تخرب البلد ...
 

جرحي جديم..!

๑ . . عضو مؤسس . . ๑
التسجيل
29 مارس 2006
رقم العضوية
4674
المشاركات
15,223
مستوى التفاعل
541
الجنس
الإقامة
rak
رد: -- { رَغْ ـــدْ - - أَنْتِـــيٍ لِـــيِ - - أَنْتِـــيٍ لِـــيِ } --

الطريق كان شاقا و الشوارع مدمرة ، و كان علينا عبور مناطق لا شوارع بها وقد حضر سيف بسيارة مناسبة للسير فوق الرمال




بين الفينة و الأخرى ألقي نظرة على ساعة السيارة ، و دونا عن بقية الأشياء من حولي ،لا أشعر بها هي بالذات تتحرك ...





إنني في أشد الشوق لرؤية أهلي ... منزلي ... مدينتي ...

و شديد اللهفة إلى صغيرتي رغد !

آه يا رغد !

ها أنا أعود ...

فهل أنا في حلم ؟؟







كانت الشمس قد استأذنت للرحيل على وعد بالحضور صباحا ، لحظة أن فتحت عيني على صوت يناديني ...




وصلنا ! انهض عزيزي




لم أشعر بنفسي حين نمت مقدارا لا أعلمه من الوقت ، ألا أنني الآن أفقت بسرعة و بقوة ...

كان جسدي معرقا و ملتصقا بملابسي و بالمقعد ... و مع ذلك لم أشعر بأي انزعاج أثناء النوم ...




وصلنا ! إلى أين ؟




قلت ذلك و أنا أتلفت يمنة و يسرى و أرى الدنيا مظلمة ... إلا عن أنوار بسيطة تتبعثر من مصابيح موزعة فيما حولي ...


قال سيف :




إنه منزلي يا وليد


حدقت بسيف برهة ، ثم قلت :




خذني إلى منزلي رجاءا !


سيف علاه شيء من الحزن و قال :



كما تعرف يا وليد ... أهلك قد غادروا ... ستبقى معي لحين نهتدي إليهم سبيلا









قضيت تلك الليلة ، أول ليالي الحرية ، في بيت العزيز سيف .




هل لكم بتصور شعوري عندما وضعت أطباق العشاء أمامي ؟؟

طبخات لم أذقها منذ ثمان سنين ، شعرت بالخجل و أنا مقبل على الطعام بشراهة فيما سيف يراقبني و يبتسم !





أنا آسف ! إنني جائع جدا !



قلت ذلك و أنا مطأطئ بعيني نحو الأسفل خجلا ، ألا أن سيف ضحك و قال :




هيا يا رجل كل قدر ما تشاء و اطلب المزيد ! بالهناء و العافية



رفعت بصري إليه و قلت :



لو تعلم كيف كان طعامي هناك ... !



هز سيف رأسه و قال :




انس ذلك ... لقد كان كابوسا و انتهى ، الحمد لله




هل انتهى حقا ... ؟؟







رغم أنه كان سريرا ناعما واسعا نظيفا و عطرا ، ألا أنني لم استطع النوم جيدا تلك الليلة ...


كيف تغمض لي عين و أنا مشغول البال و التفكير ... بأهلي ...







و بعد صلاة الفجر ، و حينما عادت الشمس موفية بوعدها ، و اطمأننت إلى أنها صادقة و ستظهر لتشرق حياتي كل يوم ، فتحت النافذة لأسمح بأشعتها للتسرب إلى الغرفة و معانقة جسدي بعد فراق طويل ...





رأيت أشياء كثيرة و مزعجة في نومي ...

سمعت صوت نديم يناديني ...

انهض يا وليد ، جاء دورك


كان العساكر يقفون عند باب السجن ينظرون إلي ... لم أشأ النهوض ...
 

جرحي جديم..!

๑ . . عضو مؤسس . . ๑
التسجيل
29 مارس 2006
رقم العضوية
4674
المشاركات
15,223
مستوى التفاعل
541
الجنس
الإقامة
rak
رد: -- { رَغْ ـــدْ - - أَنْتِـــيٍ لِـــيِ - - أَنْتِـــيٍ لِـــيِ } --

هززت رأسي معترضا ، لكن نديم ظل يناديني



أفقت ، و فتحت عيني لأنظر إليه ، و أرى السقف و الشقوق التي تملأه ، و تخزن عشرات الحشرات بداخلها ...



لكنني رأيت سقفا نظيفا و مزخرف ... منظر لم أعتد رؤيته ... نهضت بسرعة و نظرت من حولي ...






وليد ! هل أفزعتك ! أنا آسف !




كان صديقي سيف يقف إلى جانبي ...


قلت و أنا شبه واع ، و شبه حالم :


أنت وليد ؟ أم نديم ؟؟ هل أنا في السجن ؟ أم ...




سيف مد يده و أمسك بيدي بعطف و قال :


عزيزي ... إنك في بيتي هنا ، لا تقلق ...




خشيت أن يكون حلما و ينتهي ، حركت يدي الأخرى حتى أطبقت على يد سيف بكلتيهما ، و قلت :



سيف ! أهي حقيقة ؟ أرجوك لا تجعلني أفيق فجأة فأكتشف أنه مجرد حلم ! هل خرجت أنا من السجن حقا ؟؟






الآن فقط ، تفجرت الدموع التي كانت محبوسة في بئر عيني ّ
 

جرحي جديم..!

๑ . . عضو مؤسس . . ๑
التسجيل
29 مارس 2006
رقم العضوية
4674
المشاركات
15,223
مستوى التفاعل
541
الجنس
الإقامة
rak
رد: -- { رَغْ ـــدْ - - أَنْتِـــيٍ لِـــيِ - - أَنْتِـــيٍ لِـــيِ } --

بعد ذلك ، أصررت على الذهاب للمنزل حتى مع علمي بأن أحدا لم يعد يسكنه

و كلما اقتربنا في طريقنا من الوصول ، كلما تسارعت نبضات قلبي حتى وصلنا و كادت تتوقف !



اتجهت نحو الباب و جعلت أقرع الجرس ، و سيف ينظر إلي بأسى

لم يفتحه أحد ...




جالت بخاطري ذكرى تلك الأيام ، حينما كانت رغد و دانة تتسابقان و تتشاجران من أجل فتح الباب !



التفت إلى الخلف حيث يقف سيف ، و كانت تعابير وجهه تقول : يكفي يا وليد


لكنني كنت في شوق لا يكبح لدخول بيتي ...



نظرت من حولي ، ثم أقبلت إلى السور ، و هممت بتسلقه !



وليد ! ما الذي تفعله !؟



أجبت و أنا أقفز محاولا الوصول بيدي إلى أعلى السور :



سأفتح الباب ، انتظرني





و بعد أن قفزت إلى الداخل فتحت الباب فدخل سيف ...



و لكن لا جدوى ! كيف ستدخل للداخل ؟





بالطبع ستكون الأبواب و النوافذ جميعها مغلقة و موصدة من الداخل ، ألا أنني أستطيع تدبر الأمر !



قلت :


سترى !


و انطلقت نحو الحديقة ...




لم تعد حديقتنا كما كانت في السابق ، خضراء نظرة ... بل تحولت إلى صحراء صفراء جافة ...



انقبض قلبي لدى رؤيتها بهذا الشكل ...



أخذت أتلفت فيما حولي و سيف يراقبني باستغراب


وقعت أنظاري على أدوات الشي التي نضعها في إحدى الزوايا ، في الحديقة

كم كانت أوقاتا سعيدة تلك التي كنا نقضيها في الشواء





توجهت إليها و أخذت احفر الرمال ...


ما الذي تفعله بربك يا وليد ؟؟! هل أخفيت كنزا هناك ؟؟


و ما أن أتم سيف جملته حتى استخرجت مفتاحا من تحت الرمال !



تبادلت أنا و سيف النظرات و الابتسامات ، ثم قال :



عقلية فذة ! كما كنت دائما !

و ضحكنا ...



كنت أخفي مفتاحا احتياطيا في تلك الزاوية تحت الرمال منذ عدة سنوات ...




و أخيرا دخلت المنزل





للحظة الأولى أصابت جسدي القشعريرة لرؤية الأشياء في غير أمكنتها ...

تجولت في الممرات و شعرت بالضيق للسكون الرهيب المخيم على المنزل ...

عادة ما كان البيت يعج بأصوات الأطفال و صراخهم ...





صعدت إلى للطابق العلوي قاصدا غرفة نومي ، حيث تركت ذكريات عمري الماضي ... و حين هممت بفتح الباب ، وجدتها مقفلة ...



تبا !



توجهت بعد ذلك إلى غرفة رغد الصغيرة ، المجاورة لغرفتي مباشرة .. مددت يدي و أمسكت بالمقبض ، و أغمضت عيني ، و أدرت المقبض ، فلم ينفتح الباب ...

كانت هي الأخرى مقفلة

أدرت المقبض بعنف ، و ضربت الباب غيظا ... و ركلته من فرط اليأس ...








أخذت أحاول فتح بقية الغرف لكنني وجدتها جميعا مقفلة

فشعرت و كأن الدنيا كلها ... مقفلة أبوابها أمامي ...
 
عودة
أعلى