سعيد
๑ . . عضو ماسي . . ๑
- التسجيل
- 21 يوليو 2006
- رقم العضوية
- 5146
- المشاركات
- 1,096
- مستوى التفاعل
- 17
- الجنس
بسم الله الرحمن الرحيم
قال ابن الجوزي ذاكرا حاله لابنه :
( فإني أذكر نفسي ولي همة عالية وأنا في المكتب ابن ست سنين ، وأنا قرين الصبيان الكبار ، قد رزقت عقلا وافرا في الصغر يزيد على عقل الشيوخ ، فما أذكر أني لعبت في طريق مع الصبيان قط ، ولا ضحكت ضحكا خارجا .
حتى إني كنت ولي سبع سنين أو نحوها أحضر رحبة المجامع ، فلا أتخير حلقة مشعبة ، بل أطلب المحدث فيتحدث بالسير فأحفظ جميع ما أسمعه وأذهب إلى البيت فأكتبه .
ولقد وفق لي شيخنا أبو الفضل ابن ناصر رحمه الله ، وكان يحملني إلى الشيوخ ، فأسمعني ( المُسْـند ) وغيره مع الكتب الكبار ، وأنا لا أعلم ما يراد مني ، وضبط لي مسموعاتي إلى أن بلغت ، فناولني ثبتها ولازمته إلى أن توفي رحمه الله ، فنلت به معرفة الحديث والنقل .
ولقد كان الصبيان ينزلون إلى دجلة ويتفرجون على الجسر ، وأنا في زمن الصغر آخذ جزءا وأقعد حجزة من الناس إلى جانب الرقة فأتشاغل بالعلم .
ثم ألهمت الزهد فسردت الصوم ، وتشاغلت بالتقلل من الطعام ، وألزمت نفسي الصبر ، فاستمرت ، وشمرت ولازمت وعالجت السهر ، ولم أقنع بفن من العلوم ، بل كنت أسمع الفقه ، والوعظ والحديث وأتبع الزهاد ، ثم قرأت اللغة ولم أترك أحدا ممن يروي ويعظ ، ولا غريبا يقدم إلا وأحضره وأتخير الفضائل .
فأحسن الله تدبيري وتربيتي ، وأجراني على ما هو الأصلح لي ودفع عني الأعداء والحُسّاد ومن يكيدني ، وهيّأ لي أسباب العلم ، وبعث إلى الكتب من حيث لا أحتسب .
ورزقني الفهم ، وسرعة الحفظ والحظ وجودة التصنيف ، ولم يعوزني شيئا من الدنيا ، بل ساق إلي الرزق مقدار الكفاية وأزيد ، ووضع لي القبول في قلوب الخلق فوق الحد ، وأوقع كلامي في نفوسهم ، فلا يرتابون بصحته .
وقد أسلم على يدي نحو مائتين من أهل الذمة ، ولقد تاب في مجالسي أكثر من مائة ألف .
ولقد كنت أدور على المشايخ لسماع الحديث فينقطعُ نَفَسي من العدْو ِ لئلا أسبق - بضم الهمزة - ، وكنت أصبح وليس لي مأكل ، وأمسي وليس لي مأكل ، ما أذلّـني الله لمخلوق قط ، ولكنه ساق رزقي لصيانة عرضي ، ولو شرحت أحوالي لطال الشرح .
وها أنا قد ترى ما آلت حالي إليه ، وأنا أجمعه لك في كلمة واحدة ، وهي قوله تعالى : { واتقوا الله ويُعَلّمكُمُ الله } البقرة 282 ) انتهى .
انظر : ( لفتة الكبد إلى نصيحة الولد ) لابن الجوزي ( 12 ، 13 ) .
طــالبة علم ..
منتدى الإمارات
قال ابن الجوزي ذاكرا حاله لابنه :
( فإني أذكر نفسي ولي همة عالية وأنا في المكتب ابن ست سنين ، وأنا قرين الصبيان الكبار ، قد رزقت عقلا وافرا في الصغر يزيد على عقل الشيوخ ، فما أذكر أني لعبت في طريق مع الصبيان قط ، ولا ضحكت ضحكا خارجا .
حتى إني كنت ولي سبع سنين أو نحوها أحضر رحبة المجامع ، فلا أتخير حلقة مشعبة ، بل أطلب المحدث فيتحدث بالسير فأحفظ جميع ما أسمعه وأذهب إلى البيت فأكتبه .
ولقد وفق لي شيخنا أبو الفضل ابن ناصر رحمه الله ، وكان يحملني إلى الشيوخ ، فأسمعني ( المُسْـند ) وغيره مع الكتب الكبار ، وأنا لا أعلم ما يراد مني ، وضبط لي مسموعاتي إلى أن بلغت ، فناولني ثبتها ولازمته إلى أن توفي رحمه الله ، فنلت به معرفة الحديث والنقل .
ولقد كان الصبيان ينزلون إلى دجلة ويتفرجون على الجسر ، وأنا في زمن الصغر آخذ جزءا وأقعد حجزة من الناس إلى جانب الرقة فأتشاغل بالعلم .
ثم ألهمت الزهد فسردت الصوم ، وتشاغلت بالتقلل من الطعام ، وألزمت نفسي الصبر ، فاستمرت ، وشمرت ولازمت وعالجت السهر ، ولم أقنع بفن من العلوم ، بل كنت أسمع الفقه ، والوعظ والحديث وأتبع الزهاد ، ثم قرأت اللغة ولم أترك أحدا ممن يروي ويعظ ، ولا غريبا يقدم إلا وأحضره وأتخير الفضائل .
فأحسن الله تدبيري وتربيتي ، وأجراني على ما هو الأصلح لي ودفع عني الأعداء والحُسّاد ومن يكيدني ، وهيّأ لي أسباب العلم ، وبعث إلى الكتب من حيث لا أحتسب .
ورزقني الفهم ، وسرعة الحفظ والحظ وجودة التصنيف ، ولم يعوزني شيئا من الدنيا ، بل ساق إلي الرزق مقدار الكفاية وأزيد ، ووضع لي القبول في قلوب الخلق فوق الحد ، وأوقع كلامي في نفوسهم ، فلا يرتابون بصحته .
وقد أسلم على يدي نحو مائتين من أهل الذمة ، ولقد تاب في مجالسي أكثر من مائة ألف .
ولقد كنت أدور على المشايخ لسماع الحديث فينقطعُ نَفَسي من العدْو ِ لئلا أسبق - بضم الهمزة - ، وكنت أصبح وليس لي مأكل ، وأمسي وليس لي مأكل ، ما أذلّـني الله لمخلوق قط ، ولكنه ساق رزقي لصيانة عرضي ، ولو شرحت أحوالي لطال الشرح .
وها أنا قد ترى ما آلت حالي إليه ، وأنا أجمعه لك في كلمة واحدة ، وهي قوله تعالى : { واتقوا الله ويُعَلّمكُمُ الله } البقرة 282 ) انتهى .
انظر : ( لفتة الكبد إلى نصيحة الولد ) لابن الجوزي ( 12 ، 13 ) .
طــالبة علم ..
منتدى الإمارات