شحية البرزه
๑ . . عضو ملكي . . ๑
الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.
كنت أسير يوماً بمحاذات المقابر لمحت حفار القبور يحفر بجانت مقابرنا وقد كنت قد تركت عمي وهو يحتضر
قلت في نفسي (لعل عمي قد مات ولم يخبروني ) اقتربت منه وسلمت عليه وهو يعرفني ، فوجدته يحفر قبراً قديماً ويقف بجانبه
أحد أبناء الميت . وكان في بداية الحفر وقفت فوق القبر أتفرج أزال اللحد ورفع رفات طفلة لا تتجاوز السادسة وقد كانت جمجمتها مثقوبة ،قلت من هذه قال صاحب القبر إنها لأختي أو قريبتي (لم أعد أذكر ) وقد وقعت على قضيب حديد فماتت في لحظتها.
تذكرت قول الشافعي رحمه الله وقلت : وكم من صحيح مات من غير علة وكم من سقيم عاش حيناً من الدهر
وكم من فتى أمسى وأصبح ضاحكاً وأكفانه تنسج وهو لا يدري .
ثم رفع عظاما أخرى لشخص آخر قلت من هذا قال جدي ، وفي هذه الأثناء وهو يرفع الجثة الثالثة أو ما تبقى من عظام ،
وإذ رأيت جرذاً يخرج من بين العظام ويولي هارباً قلت(( يا عدنان هو اسم حفار القبور )):إذا مت لا تدفنني هنا أبحث لي عن مكان لا يوجد فيه جرذان ، قال وهل تعتقد يا عمر أن هذا الجرذ أو غيره مما قد شاهدتهم بأم عيني يلتهمون الجثث وكل جرذ هكذا وأشار بيديه لضخامته ، قال الله يحفظ المؤمن منهم ومن غيرهم إن هم حفظوا الله ، قلت إني أمازحك يا عدنان وهل تعرف هذا عني ؟
أي أعرف ما قلت . ثم تابع الحفر فأخرج جثة رابعة وقد قص علي صاحب القبر حكايته ومن يكون ولم أعد أذكر ما قال.
وفي هذه الأثناء كانت (( الصراصير تحوم بكثرة وتصعد على أرجل الحفار ))،ثم رفع الجثة الخامسة قلت من هذا قال : هذا عمي وقد توفي في حادث سيارة في ليبيا ،وهنا كان الحفار كلما رفع جثة هبط أكثر في الحفرة قال لقد أنهيت ورفع رأسه قلت أنظر أرى وكأن ما زال يوجد شيء في الأسفل ،نظر فوجد جثة قد غطاها التراب أزاح التراب رأيت كفن لم يهترئ كما يجب لعل الأرض لم تفنيه لشدة الرطوبة هناك أزاح الكفن عن الوجه رأيت منظراً لم أرى أشنع منه في حياتي حتى أن الحفار ارتعب وبحركة لا شعورية منه أخذ قبضة من التراب ورشقها على وجهه وغطى الكفن .
ما رأيته (وجه عليه القليل من اللحم بجانب الأنف وعلى الذقن قليلاً وأسنان رهيبة منظر ولا أبشع )
أخذ الحفار بطرف الكفن من عند الرأس وأراد أن يمسك بالطرف الآخر عند الأرجل فلم يستطع من طول الجثة قال أعني حتى أمسك الطرف الثاني ففعلت فأخذ بالطرفين وجمعهما على بعضهما البعض وقد كنت أسمع تفكك العظام وهو يجمعها ((طق طق طق))
وضعه على جنب بعد عناء وأخذ يمهد التراب قلت أحذر قال ماذا قلت خلفك عنكبوت كبير وهو بحجم البرتقالة تقريباً
أخذ الرفش وضربها قائلاً : أحفر بعض القبور فأجد أكبر منها وأكثر . وأنا في هذه الأثناء كنت كلما رفع جثة أتذكر الآيات وكنت أرتلها والأحاديث المتعلقة عن هذا الموقف العصيب وما بعده .
بعد أن انتهى من الحفرة ، جلسنا ونحن نشرب القهوة قلت يا عدنان هل تخبرني عن بعض الكرامات التي يتحدث عنها الناس و التي رأيتها من خلال عملك في المقابر مثل ذاك الشاب الذي مات بقذيفة وقد كان يجاهد النصارى وقد سمعنا عندما نقلوا جثته كانت سليمة كما وضعت،
قال : أنظر إلى ساعدي نظرت فرأيت شعر ساعديه قد وقفت ،قال طُلب مني أن أحفر قبراً هناك وأشار بيده إلى الموقع ،
قال وكانوا قد أخبرني أن هذا القبر لعمتهم المتوفاة منذ اثنان وعشرون سنة ، قال ذهبت إلى هناك وبدأت في الحفر وأزلت اللحد
فرأيت كفناً جديداً وقد انبعث من القبر رائحة لا أقدر أن أصفها لك من جمال عطرها ،قال : قلت لعلى قد أخطأت في القبر المطلوب فأزحت الكفن عن الوجه قليلاً رأيت امرأ يشع من وجهها النور وهي مفتحة عينيها تنظر إلي وقد انبعثت الرائحة الجميلة بقوة عندما أزحت الكفن عن وجهها،خفت ووليت هارباً وبعد قليل تمالكت نفسي ورجعت وأغلقت القبر ،وذهبت إلى أهلها قال: قلت لأهلها ما قصة عمتكم هذه وقص عليهم ما رأى بعد أن رفض أن ينزل عليها أي جثة. قالوا إن عمتنا هذه كانت من الذاكرين الله كثيراً وكانت لا تخرج من بيتها إلا النادر برفقة زوجها وكانت
إذا دخلت عند جيرانها وجدتهم يتكلمون عن فلانة وعلانة ويغتابون فلانة أي ما يسمى بالصبحية .
وقد كانت تقول لهم اذكروا الله بدلاً من أن تجلسوا هكذا تغتابون الناس وتوبوا إلى الله عسى الله أن يغفر لكم ذنوبكم ،ثم تقفل راجعة
لبيتها.
قلت: يا عدنان سوف أحدث بما قلت وأذكر اسمك أتقسم على ذلك قال نعم وحدث ولا حرج.
انتهى
قلت : تذكرت قوله صلى الله عليه وسلم: إحفظ الله يحفظك(( وقد حفظها الله هنا في القبر) إحفظ الله تجده تجاهك ،إذا سألت فسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله.
أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يجعل في قبورنا نورا وان يثبتنا عند السوأل وأن يتغمدنا برحمة منه وهو القائل سبحانه على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم :رحمتي سبقت غضبي. وأن يدخلنا الجنة ويجنبنا النار إن ربي سميع مجيب الدعاء . أمين
السلام عليكم ورحمة الله.
كنت أسير يوماً بمحاذات المقابر لمحت حفار القبور يحفر بجانت مقابرنا وقد كنت قد تركت عمي وهو يحتضر
قلت في نفسي (لعل عمي قد مات ولم يخبروني ) اقتربت منه وسلمت عليه وهو يعرفني ، فوجدته يحفر قبراً قديماً ويقف بجانبه
أحد أبناء الميت . وكان في بداية الحفر وقفت فوق القبر أتفرج أزال اللحد ورفع رفات طفلة لا تتجاوز السادسة وقد كانت جمجمتها مثقوبة ،قلت من هذه قال صاحب القبر إنها لأختي أو قريبتي (لم أعد أذكر ) وقد وقعت على قضيب حديد فماتت في لحظتها.
تذكرت قول الشافعي رحمه الله وقلت : وكم من صحيح مات من غير علة وكم من سقيم عاش حيناً من الدهر
وكم من فتى أمسى وأصبح ضاحكاً وأكفانه تنسج وهو لا يدري .
ثم رفع عظاما أخرى لشخص آخر قلت من هذا قال جدي ، وفي هذه الأثناء وهو يرفع الجثة الثالثة أو ما تبقى من عظام ،
وإذ رأيت جرذاً يخرج من بين العظام ويولي هارباً قلت(( يا عدنان هو اسم حفار القبور )):إذا مت لا تدفنني هنا أبحث لي عن مكان لا يوجد فيه جرذان ، قال وهل تعتقد يا عمر أن هذا الجرذ أو غيره مما قد شاهدتهم بأم عيني يلتهمون الجثث وكل جرذ هكذا وأشار بيديه لضخامته ، قال الله يحفظ المؤمن منهم ومن غيرهم إن هم حفظوا الله ، قلت إني أمازحك يا عدنان وهل تعرف هذا عني ؟
أي أعرف ما قلت . ثم تابع الحفر فأخرج جثة رابعة وقد قص علي صاحب القبر حكايته ومن يكون ولم أعد أذكر ما قال.
وفي هذه الأثناء كانت (( الصراصير تحوم بكثرة وتصعد على أرجل الحفار ))،ثم رفع الجثة الخامسة قلت من هذا قال : هذا عمي وقد توفي في حادث سيارة في ليبيا ،وهنا كان الحفار كلما رفع جثة هبط أكثر في الحفرة قال لقد أنهيت ورفع رأسه قلت أنظر أرى وكأن ما زال يوجد شيء في الأسفل ،نظر فوجد جثة قد غطاها التراب أزاح التراب رأيت كفن لم يهترئ كما يجب لعل الأرض لم تفنيه لشدة الرطوبة هناك أزاح الكفن عن الوجه رأيت منظراً لم أرى أشنع منه في حياتي حتى أن الحفار ارتعب وبحركة لا شعورية منه أخذ قبضة من التراب ورشقها على وجهه وغطى الكفن .
ما رأيته (وجه عليه القليل من اللحم بجانب الأنف وعلى الذقن قليلاً وأسنان رهيبة منظر ولا أبشع )
أخذ الحفار بطرف الكفن من عند الرأس وأراد أن يمسك بالطرف الآخر عند الأرجل فلم يستطع من طول الجثة قال أعني حتى أمسك الطرف الثاني ففعلت فأخذ بالطرفين وجمعهما على بعضهما البعض وقد كنت أسمع تفكك العظام وهو يجمعها ((طق طق طق))
وضعه على جنب بعد عناء وأخذ يمهد التراب قلت أحذر قال ماذا قلت خلفك عنكبوت كبير وهو بحجم البرتقالة تقريباً
أخذ الرفش وضربها قائلاً : أحفر بعض القبور فأجد أكبر منها وأكثر . وأنا في هذه الأثناء كنت كلما رفع جثة أتذكر الآيات وكنت أرتلها والأحاديث المتعلقة عن هذا الموقف العصيب وما بعده .
بعد أن انتهى من الحفرة ، جلسنا ونحن نشرب القهوة قلت يا عدنان هل تخبرني عن بعض الكرامات التي يتحدث عنها الناس و التي رأيتها من خلال عملك في المقابر مثل ذاك الشاب الذي مات بقذيفة وقد كان يجاهد النصارى وقد سمعنا عندما نقلوا جثته كانت سليمة كما وضعت،
قال : أنظر إلى ساعدي نظرت فرأيت شعر ساعديه قد وقفت ،قال طُلب مني أن أحفر قبراً هناك وأشار بيده إلى الموقع ،
قال وكانوا قد أخبرني أن هذا القبر لعمتهم المتوفاة منذ اثنان وعشرون سنة ، قال ذهبت إلى هناك وبدأت في الحفر وأزلت اللحد
فرأيت كفناً جديداً وقد انبعث من القبر رائحة لا أقدر أن أصفها لك من جمال عطرها ،قال : قلت لعلى قد أخطأت في القبر المطلوب فأزحت الكفن عن الوجه قليلاً رأيت امرأ يشع من وجهها النور وهي مفتحة عينيها تنظر إلي وقد انبعثت الرائحة الجميلة بقوة عندما أزحت الكفن عن وجهها،خفت ووليت هارباً وبعد قليل تمالكت نفسي ورجعت وأغلقت القبر ،وذهبت إلى أهلها قال: قلت لأهلها ما قصة عمتكم هذه وقص عليهم ما رأى بعد أن رفض أن ينزل عليها أي جثة. قالوا إن عمتنا هذه كانت من الذاكرين الله كثيراً وكانت لا تخرج من بيتها إلا النادر برفقة زوجها وكانت
إذا دخلت عند جيرانها وجدتهم يتكلمون عن فلانة وعلانة ويغتابون فلانة أي ما يسمى بالصبحية .
وقد كانت تقول لهم اذكروا الله بدلاً من أن تجلسوا هكذا تغتابون الناس وتوبوا إلى الله عسى الله أن يغفر لكم ذنوبكم ،ثم تقفل راجعة
لبيتها.
قلت: يا عدنان سوف أحدث بما قلت وأذكر اسمك أتقسم على ذلك قال نعم وحدث ولا حرج.
انتهى
قلت : تذكرت قوله صلى الله عليه وسلم: إحفظ الله يحفظك(( وقد حفظها الله هنا في القبر) إحفظ الله تجده تجاهك ،إذا سألت فسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله.
أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يجعل في قبورنا نورا وان يثبتنا عند السوأل وأن يتغمدنا برحمة منه وهو القائل سبحانه على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم :رحمتي سبقت غضبي. وأن يدخلنا الجنة ويجنبنا النار إن ربي سميع مجيب الدعاء . أمين
السلام عليكم ورحمة الله.