شمعة السراج
๑ . . موقوف . . ๑
- التسجيل
- 26 يونيو 2009
- رقم العضوية
- 10640
- المشاركات
- 85
- مستوى التفاعل
- 6
- الجنس
الحمد لله رب العالمين.. والعاقبة للمتقين ولاعدوان إلا على الظالمين
والصلاة والسلام على خير خلقه محمد صلي الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين
وبعد
فإن من طبيعة الطريق إلى الله - الطريق الصحيح - أنه محفوف بالمكاره ( حفت الجنة بالمكاره ) - إبتلاءً من الله - . . وهذه العقبات والمكاره . . منها ما هو مرده إلى طبيعة الأوامر الشرعية وما لها من ثقل على النفس . . فالنفس البشرية بطبيعتها وفطرتها تحب التفلت والإسترخاء وتكره القيود والأوامر والإنضباط . . ولذا تجد ضيقاً وحرجاً عند قيامها بالطاعات - إذا ما تركت بدون تربية أو تزكية -، ومنها ( مراقبة الله )
ولذا فلا حل إلا في المجاهدة وتربيتها وتزكيتها . . فبقدر ما تكون من مجاهدة وصبر وتربية بقدر ما تشعر النفس بالراحة والطمأنينة عند قيامها بأوامر الله ( كالمراقبة وغيرها ) . . لأنها تعلم أن هذا هو الطريق الصحيح وأن عاقبتها إلى خير........ ولا تقف مراقبة الله عند حد معين . . فهي وظيفة العمر كما يقال . .
ومن ذلك قول بعض السلف : جاهدت نفسي أربعين عاماً حتى أستقامت . . فقال له الآخر : وهل أستقامت؟؟!!
يقول إبن القيّم رحمه الله تعالى في مدارج السالكين:
من منازل {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } منزلة المراقبة ..
وهي دوام علم العبد وتيقنه باطلاع الحق سبحانه وتعالى على ظاهره وباطنه..
فاستدامته لهذا العلم ، واليقين بذلك هي المراقبة ..
وهي ثمرة علمه بأنَّ الله سبحانه ..
رقيب عليه ..
ناظر إليه ..
سامع لقوله ..
مطلع على عمله ..
ومن راقب الله في خواطره ؛ عصمه الله في حركات جوارحه ..
قال أحدهم : والله إني لأستحي أن ينظر الله في قلبي وفيه أحد سواه ..
وكان من أحوال السلف في المراقبة أيضـــــــــــــا:
من عَلِمَ ..
أنَّ الله يراه حيث كان ..
وأنَّ الله مطلع على باطنه وظاهره وسره وعلانتيته ..
واستحضر ذلك في خلوته ..
أوجب له ذلك العلم واليقين ..
ترك المعاصي والذنوب ..
وكان بعضهم يقول لأصحابه : زهّدنا الله وإياكم في الحرام زهد من قدر عليه في الخلوة فعلم أنَّ الله يراه فتركه من خشيته جلَّ في علاه ....
درجات المراقبة :
أ- الدرجةالأولى : استدامة السير إلى الله وتعظيمه، وحضور القلب معه والذهول عن غيره، والقرب إليه مع الأنس والسرور به
قال ابن القيم في معرض شرحه لهذه الدرجة: " فإن الحضور يوجب أنساً ومحبة، وإن لم يقارنهما تعظيم أورثاه خروجاً عن حدود العبودية ورعونة، فكل حب لا يقارنه تعظيم المحبوب فهو سبب للبعد عنه،والسقوط من عينه... وأما السرور الباعث فهو الفرحة والتعظيم، واللذة التي يجدها في تلك المداناة ؛ فإن سرور القلب بالله وفرحه به، وقُرّة العين به، لا يشبهه شيء من نعيم الدنيا ألبتة... ولا ريب أن هذا السرور يبعثه على دوام السير إلى الله عز وجل،وبذل الجهد في طلبه وابتغاء مرضاته" .(1)
ب - الدرجة الثانية : مراقبة الله بصيانة الباطن والظاهر:
قال ابن القيم شارحاً لهذه الدرجة: " هذه مراقبةٌ لمراقبة الله لك، فهي مراقبة لصفة خاصة معينة، وهي توجب صيانة الباطن والظاهر، فصيانة الظاهر بحفظ الحركات الظاهرة، وصيانة الباطن بحفظ الخواطر و الإرادات والحركات الباطنة ".(2)
ج - الدرجة الثالثة: مراقبة الله بشهود انفراده سبحانه بأزليته وحده، وأنه كان ولم يكن شيء قبله، وكل ما سواه فكائن بعد عدمه بتكوينه :
قال ابن القيم مبينا معنى هذه الدرجة : " وهذا الشهود متعلّق بأسمائه وصفاته، وتقدُّم علمه بالأشياء ووقوعها في الأبد مطابقة لعلمه الأزلي، فهذا الشهود يُعْطي إيماناً ومعرفة، وإثباتا للعلم والقدرة، والفعل، والقضاء والقدر.(3)
******************
1- مدارج السالكين (2/69-70) بتصرف.
2- مدارج السالكين (2/71) بتصرف.
3- مدارج السالكين (2/74-75) بتصرف
قال ابن القيم: " المراقبة دوام علم العبد، وتيقّنه باطلاع الحق سبحانه وتعالى على ظاهره وباطنه "مدارج السالكين (2/67).
فضيلة المراقبة :
أ - أن المراقبة سبب من أسباب دخول الجنة :
قال تعالى: {هَلْ جَزَاء ٱلإِحْسَـٰنِ إِلاَّ ٱلإِحْسَـٰنُ} [الرحمن:60].
قال ابن القيم مفسراً الآية: " الإحسان جامع لجميع أبواب الحقائق، وهو أن تعبد الله كأنك تراه... وفي الحديث إشارة إلى كمال الحضور مع الله عز وجل، ومراقبته، ومحبته ومعرفته ، والإنابة إليه، والإخلاص له، ولجميع مقامات الإيمان ".(1)
1- مدارج السالكين (2/479).
ب- أن بها يكسب العبد رضا الله سبحانه وتعالى عنه:
قال تعالى: {رّضِىَ ٱللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِىَ رَبَّهُ} [البينة:8].
ج - أنها من أعظم البواعث على المسارعة إلى الطاعات:
قال الله تعالى: {إِنَّ ٱلَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مّنَّا ٱلْحُسْنَىٰ أُوْلَـئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ}
[الأنبياء:101].
د - أن بها يحصل العبد على معية الله وتأييده :
قال تعالى: {إِنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ وَّٱلَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ} [النحل:128].
قال ابن كثير: " أي معهم بتأييده ونصره ومعونته، وهذه معية خاصة ".06)
- تفسير ابن كثير (753).
المصدر:-
http://www.sahab.net/forums/showthread.php?t=369298