• مرحبا ٬ في حال تعتذر تسجيل الدخول ، يرجى عمل استرجاع كلمه المرور هنا

ابو ذي الغفاري

الخنزوري27

๑ . . عضو ماسي . . ๑
التسجيل
16 فبراير 2010
رقم العضوية
11641
المشاركات
1,415
مستوى التفاعل
70
الجنس
الإقامة
دار زايـد
بسم الله الرحمن الرحيم



السلام عليكم ورحمة الله وبركاته





نسبه ونبذه عنه
هو جندب بن جنادة من غفار بن مليل بن ضمرة بن بكر بن عبد مناة بن كنانة، كان أبو ذر ذو بصيرة، وممن يتألهون في الجاهلية ويتمردون على عبادة الأصنام، ويذهبون إلى الايمان بإله خالق عظيم، فما أن سمع عن الدين الجديد حتى شد الرحال إلى مكة.

روي عن سنن الترمذي, الجزء 5 صفحة 669 في :

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ ‏"‏ مَا أَظَلَّتِ الْخَضْرَاءُ وَلاَ أَقَلَّتِ الْغَبْرَاءُ أَصْدَقَ مِنْ أَبِي ذَرٍّ ‏"‏ ‏.
وَهَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ ‏.


وروى مثله أحمد بن حنبل في مسنده.



إسلامه
أسلم بمكة قديما وقال كنت في الإسلام رابعا ورجع إلى بلاد قومه فأقام بها حتى مضت بدر وأحد والخندق ثم قدم المدينة.

ويروي أبو ذر قصة إسلامه في الحديث الذي رواه البخاري عن ابن عباس ‎ قال: ألا أخبركم بإسلام أبي ذر قال: قلنا بلى. قال: قال أبو ذر كنت رجلا من غفار فبلغنا أن رجلا قد خرج بمكة يزعم أنه نبي فقلت لأخي انطلق إلى هذا الرجل كلمه وإتني بخبره فانطلق فلقيه ثم رجع فقلت ما عندك فقال والله لقد رأيت رجلا يأمر بالخير وينهى عن الشر فقلت له: لم تشفني من الخبر فأخذت جرابا وعصا ثم أقبلت إلى مكة فجعلت لا أعرفه وأكره أن أسأل عنه وأشرب من ماء زمزم وأكون في المسجد قال فمر بي علي فقال كأن الرجل غريب قال: قلت: نعم. قال فانطلق إلى المنزل قال فانطلقت معه لا يسألني عن شيء ولا أخبره فلما أصبحت غدوت إلى المسجد لأسأل عنه، وليس أحد يخبرني عنه بشيء. قال فمر بي علي فقال: أما آن للرجل أن يعرف منزله بعد. قال: قلت لا. قال: انطلق معي قال: فقال ما أمرك وما أقدمك هذه البلدة قال: قلت له إن كتمت علي أخبرتك قال: فإني أفعل، قال: قلت له بلغنا أنه قد خرج ها هنا رجل يزعم أنه نبي فأرسلت أخي ليكلمه فرجع ولم يشفني من الخبر فأردت أن ألقاه.

فقال له: أما إنك قد رشدت هذا وجهي إليه فاتبعني ادخل حيث أدخل فإني إن رأيت أحدا أخافه عليك قمت إلى الحائط كأني أصلح نعلي وامض أنت فمضى ومضيت معه حتى دخل ودخلت معه على النبي فقلت له: اعرض علي الإسلام فعرضه فأسلمت مكاني فقال لي يا أبا ذر اكتم هذا الأمر وارجع إلى بلدك فإذا بلغك ظهورنا فأقبل فقلت والذي بعثك بالحق لأصرخن بها بين أظهرهم فجاء إلى المسجد وقريش فيه فقال يا معشر قريش إني أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، فقالوا قوموا إلى هذا الصابئ فقاموا فضربت لأموت، فأدركني العباس فأكب علي ثم أقبل عليهم فقال: ويلكم تقتلون رجلا من غفار ومتجركم وممركم على غفار فأقلعوا عني فلما أن أصبحت الغد رجعت فقلت مثل ما قلت بالأمس فقالوا قوموا إلى هذا الصابئ فصنع بي مثل ما صنع بالأمس وأدركني العباس فأكب علي وقال مثل مقالته بالأمس قال فكان هذا أول إسلام أبي ذر.

تركت هذه الحادثة أثراً سلبياً على نفسية أبي ذر، وعاهد نفسه أن يثأر من قريش، فخرج وأقام بـ"عسفان"، ‏وكلما أقبلت عير لقريش يحملون الطعام، يعترضهم ويجبرهم على إلقاء أحمالهم، فيقول أبو ذر لهم: لا يمس أحد حبة ‏حتى تقولوا لا إله إلا الله، فيقولون لا إله إلاّ الله، ويأخذون ما لهم.‏ حين رجع أبو ذر إلى قومه، نفّذ وصيّة رسول الله، فدعاهم إلى الله عز وجل، ونبذ عبادة الأصنام والإيمان ‏برسالة محمد، فكان أول من أسلم منهم أخوه أنيس، ثم أسلمت أمهما، ثم أسلم بعد ذلك نصف قبيلة غفار، ‏وقال نصفهم الباقي، إذا قدم رسول الله إلى المدينة، أسلمنا، وهذا ما تم، وجاؤوا فقالوا يا رسول الله: إخوتنا، ‏نسلم على الذي أسلموا عليه، فأسلموا. وفي ذلك قال رسول الله: "غفّار غفر الله لها، وأسلم سالمها الله".




شهادته
روى البلاذري في كتاب الأنساب : لما أعطى عثمان مروان بن الحكم ما أعطاه، وأعطى الحارث بان الحكم ابن أبي العاص، ثلاثمائة ألف درهم، جعل أبو ذر يقول : بشر الكانزين بعذاب أليم، ويتلو قول الله عز وجل : « والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله، فبشرهم بعذاب أليم ».

فرفع ذلك مروان بن الحكم إلى عثمان. فأرسل إلى أبي ذر، ناتلا مولاه : أن انته عما يبلغني عنك. فقال : أينهاني عثمان عن قراءة كتاب الله. وعيب من ترك أمر الله ؟ فوالله، لئن أرضي الله بسخط عثمان، أحب الي، وخير لي، من أن أسخط الله برضاه. فاغضب عثمان ذلك، واحفظه، فتصابر، وكف. وقال عثمان يوما : أيجوز للامام أن يأخذ من المال، فاذا أيسر قضى ؟ فقال كعب الأحبار : لا بأس بذلك ! فقال أبو ذر : يا ابن اليهوديين، أتعلمنا ديننا ؟ فقال عثمان : ما أكثر أذاك لي، وأولعك باصحابي ؟ إلحق بمكتبك، وكان مكتبه بالشام، إلا أنه كان يقدم حاجا، ويسال عثمان الإذن له في مجاورة قبر رسول الله فيأذن له في ذلك، وانما صار مكتبه بالشام، لأنه قال لعثمان حين رأى البناء قد بلغ سلعا، أني سمعت رسول الله يقول : إذا بلغ البناء سلعا، فالهرب، فاذن لي أن آتي الشام فأغزو هناك. فأذن له.

وكان أبو ذر ينكر على معاوية اشياء يفعلها، وبعث اليه معاوية بثلاثمائة دينار، فقال : إن كانت من عطائي الذي حرمتمونيه عامي هذا ؟ قبلتها ! وان كانت صلة فلا حاجة لي فيها. وبعث اليه مسلمة الفهري بمائتي دينار، فقال : أما وجدت أهون عليك مني، حين تبعث الي بمال ؟ وردَّها.

وبنى معاوية الخضراء بدمشق، فقال : يا معاوية، إن كانت هذه الدار من مال الله ؟ فهي الخيانة، وان كانت من مالك ؟ فهذا الاسراف. فسكت معاوية، وكان أبو ذر يقول : والله لقد حدثت أعمال ما أعرفها، والله ما هي في كتاب الله، ولا سنة نبيه. والله اني لأرى حقا يطفأ، وباطلا يحيى، وصادقا يكذب، وأثرة بغير تقى، وصالحا مستأثرا عليه. فقال حبيب بن مسلمة لمعاوية : ان أبا ذر مفسد عليك الشام، فتدارك أهله إن كانت لكم به حاجة. فكتب معاوية إلى عثمان فيه.

ويروى ابن سعد في طبقاته:

عن أبي ذر قال قال النبي يا أبا ذر كيف أنت إذا كانت عليك أمراء يستأثرون بالفئ قال قلت إذا والذي بعثك بالحق أضرب بسيفي حتى ألحق به فقال أفلا أدلك على ما هو خير من ذلك اصبر حتى تلقاني قال أخبرنا هشيم قال أخبرنا حصين عن زيد بن وهب قال مررت بالربذة فإذا أنا بأبي ذر قال فقلت ما أنزلك منزلك هذا قال كنت بالشام فاختلفت أنا ومعاوية في هذه الآية والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله وقال معاوية نزلت في أهل الكتاب قال فقلت نزلت فينا وفيهم قال فكان بيني وبينه في ذلك كلام فكتب يشكوني إلى عثمان.[1]

يروي المسعودي في مروج الذهب : وكان في ذلك اليوم قد أتي عثمان بتركة عبد الرحمن بن عوف الزهري من المال، فنثرت البدر، حتى حالت بين عثمان وبين الرجل الواقف، فقال عثمان : إني لأرجو لعبد الرحمن خيرا، لأنه كان يتصدق، ويقري الضيف، وترك ما ترون. فقال كعب الأحبار : صدقت يا أمير المؤمنين. فشال أبو ذر العصا، فضرب بها رأس كعب ولم يشغله ما كان فيه من الألم، وقال : يا ابن اليهودي، تقول لرجل مات وترك هذا المال إن الله أعطاه خير الدنيا وخير الآخرة، وتقطع على الله بذلك، وانا سمعت النبي يقول : ما يسرني أن أموت، وأدَعَ مايزن قيراطاً. فقال له عثمان : وارِعني وجهك. فقال : أسير إلى مكة. قال : لا والله ؟ قال : فتمنعني من بيت ربي أعبده فيه حتى أموت ؟ قال. إي والله. قال : فالى الشام، قال : لا والله. قال : البصرة. قال : لا والله، فاختر غير هذه البلدان. قال : لا والله ما اختار غير ما ذكرت لك. ولو تركتني في دار هجرتي، ما أردت شيئا من البلدان، فسيرني، حيث شئت من البلاد. قال : فاني مسيرك إلى الربذة. قال : الله أكبر، صدق رسول الله قد أخبرني بكل ما أنا لاق. قال : عثمان : وما قال لك ؟ قال : أخبرني بأني أمنع عن مكة، والمدينة، وأموت بالربذة، ويتولى مواراتي نفر ممن يردون من العراق نحو الحجاز.




جهاده بلسانه
ومضى عهد الرسول ومن بعده عهد أبو بكر وعمر، في تفوق كامل على مغريات الحياة وفتنتها، وجاء عصر عثمان وبدأ يظهر التطلع إلى مفاتن الدنيا ومغرياتها، وتصبح السلطة وسيلة للسيطرة والثراء والترف، رأى أبو ذر ذلك فمد يده إلى سيفه ليواجه المجتمع الجديد، لكن سرعان ما فطن إلى وصية رسول الله: (وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ).

فكان لابد هنا من الكلمة الصادقة الأمينة، فليس هناك أصدق من أبي ذر لهجة، وخرج أبو ذر إلى معاقل السلطة والثروة معترضا على ضلالها، وأصبح الراية التي يلتف حولها الجماهير والكادحين، وذاع صيته وهتافه يردده الناس أجمعين: (بشر الكانزين الذين يكنزون الذهب والفضة بمكاو من نار تكوى بها جباههم وجنوبهم يوم القيامة).

وبدأ أبو ذر بالشام، أكبر المعاقل (عجبت لمن لا يجد القوت في بيته، كيف لا يخرج على الناس شاهرا سيفه).

ثم ذكر وصية الرسول بوضع الأناة مكان الانقلاب، فيعود إلى منطق الإقناع والحجة، ويعلم الناس بأنهم جميعا سواسية كأسنان المشط، جميعا شركاء بالرزق، إلى أن وقف أمام معاوية يسائله كما أخبره الرسول في غير خوف ولا مداراة، ويصيح به وبمن معه: (أفأنتم الذين نزل القرآن على الرسول وهو بين ظهرانيهم؟؟).

ويجيب عنهم: (نعم أنتم الذين نزل فيكم القرآن، وشهدتم مع الرسول المشاهد)، ويعود بالسؤال: أولا تجدون في كتاب الله هذه الآية: {...وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنفُسِكُمْ فَذُوقُواْ مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ}.

فيقول معاوية: (لقد أنزلت هذه الآية في أهل الكتاب). فيصيح أبو ذر: (لا بل أنزلت لنا ولهم)، ويستشعر معاوية الخطر من أبي ذر فيرسل إلى الخليفة عثمان : (إن أبا ذر قد أفسد الناس بالشام). فيكتب عثمان إلى أبي ذر يستدعيه، فيودع الشام ويعود إلى المدينة، ويقول للخليفة بعد حوار طويل: (لا حاجة لي في دنياكم). وطلب الأذن بالخروج إلى (الربذة). وهناك طالبه البعض برفع راية الثورة ضد الخليفة ولكنه زجرهم قائلا: (والله لو أن عثمان صلبني على أطول خشبة، أو جبل، لسمعت وأطعت، وصبرت واحتسبت، ورأيت ذلك خيرا لي).

فأبو ذر لا يريد الدنيا، بل لا يتمنى الإمارة لأصحاب رسول الله ليظلوا روادا للهدى. لقيه يوما أبو موسى الأشعري ففتح له ذراعيه يريد ضمه فقال له أبو ذر: (لست أخيك، إنما كنت أخيك قبل أن تكون واليا وأميرا). كما لقيه يوما أبو هريرة واحتضنه مرحبا، فأزاحه عنه وقال: (إليك عني، ألست الذي وليت الإمارة، فتطاولت في البنيان، واتخذت لك ماشية وزرعا). وعرضت عليه إمارة العراق فقال: (لا والله. لن تميلوا علي بدنياكم أبدا).



مناقبه
كان أبو ذر رابع أربعة، وقيل‏:‏ خامس خمسة في الإسلام، وهو أول من حيا رسول الله بتحية الإسلام. وكان أبو ذر الغفاري من الرجال الذين أحبهم رسول الله ووصفه بصفتين التصقا به وأصبحا يوجهانه في المواقف المختلفة، وهما الصدق والوحدة والتفرد، ولقد دفع الصدق أبا ذر لأن يكون من أكثر الصحابة مجاهرة بالحق مهما عرضه ذلك للأذى فكان من القلائل الذين أعلنوا إسلامهم في قريش، أما الوحدة والتفرد فقد قال عنه رسول الله (رحم الله أبا ذر يمشي وحده ويموت وحده).

وردت أحاديث في كتب الصحاح في فضل أبي ذرالغفاري ‎ ومناقبه ومنها: عن أبي حرب بن أبي الأسود قال سمعت عبد الله بن عمر قال سمعت رسول الله يقول "ما أقلت الغبراء ولا أظلت الخضراء من رجل أصدق من أبي ذر" رواه الإمام أحمد.

وعن الحارث بن يزيد الحضرمي عن ابن حجيرة الأكبر عن أبي ذر قال "قلت يا رسول الله ألا تستعملني قال فضرب بيده على منكبي ثم قال يا أبا ذر إنك ضعيف وإنها أمانة وإنها يوم القيامة خزي وندامة إلا من أخذها بحقها وأدى الذي عليه فيها" رواه مسلم.

وعن ابن بريدة عن أبيه قال: قال رسول الله "إن الله أمرني بحب أربعة وأخبرني أنه يحبهم قيل يا رسول الله سمهم لنا قال علي منهم يقول ذلك ثلاثا وأبو ذر والمقداد وسلمان أمرني بحبهم وأخبرني أنه يحبهم" (رواه الترمذي وقال هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث شريك)

وعن المعرور بن سويد قال لقيت أبا ذر بالربذة وعليه حلة وعلى غلامه حلة فسألته عن ذلك فقال إني ساببت رجلا فعيرته بأمه فقال لي النبي "يا أبا ذر أعيرته بأمه إنك امرؤ فيك جاهلية إخوانكم خولكم جعلهم الله تحت أيديكم فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل وليلبسه مما يلبس ولا تكلفوهم ما يغلبهم فإن كلفتموهم فأعينوهم" رواه مسلم.

وعن الأحنف بن قيس قال كنت بالمدينة فإذا أنا برجل يفر الناس منه حين يرونه قال قلت من أنت قال أنا أبو ذر صاحب رسول الله قال قلت ما يفر الناس قال إني أنهاهم عن الكنوز بالذي كان ينهاهم عنه رسول الله.

وروي أن النبي قال‏:‏ ‏"‏أبو ذر يمشي على الأرض في زهد عيسى ابن مريم‏"‏‏.‏

وروى عنه عمر بن الخطاب، وابنه عبد الله بن عمر، وابن عباس، وغيرهم من الصحابة، ثم هاجر إلى الشام بعد وفاة أبي بكر، فلم يزل بها حتى ولي عثمان، فاستقدمه لشكوى معاوية منه، فأسكنه الربذة حتى مات بها‏.‏

وقد كان مما حصل بينه وبين عثمان بن عفان خلافا استغله زعماء الفتنة المسلحة وشكلوا منه تهمة برروا بها مع غيرها انتهاكهم حرمة الخلافة وحياة الخليفة –ابن عفان- وصل عثمان بن عفان أخبارا من معاوية أن أبا ذر يفسد الناس بالشام وقد كان ابن عفان قد ولاه على أهل الشام فأرسل إليه الخليفة أن ائتني إلى المدينة، فأتاه أبو ذر وجرى بينهما نقاشا لم يقتنع كل منهم برأي الآخر. فصار هنا روايتين عن التاريخ أحداهما أن الخليفة قرر إبعاده إلى الربذة بعيدا عن المدينة.. والثانية أن أبا ذر هو الذي طلب من الخليفة أن يأذن له أن يخرج إلى الربذة حيث يقضي بقية أيامه هناك وأيا كان الصواب فلقد أحب الخليفة أن يظل عنده في المدينة قائلاً له "ابق معنا تغدو عليك اللقاح وتروح" لكن أبا ذر عرف أن البعد له أفضل وهكذا خرج الغفاري إلى الربذة راضياً وبهدوء حتى نودي لساعة الرحيل. وهناك أيضاً قصة أن بعدما رحل الغفاري إلى الربذة جائه بعض متآمري الكوفة وعرضوا عليه أن يتزعم ثورة مسلحة ضد الخليفة فإذا هو يجيبهم بلفظ زاجر: "والله لو أن عثمان صلبني على أطول خشبة أو أطول جبل لسمعت وأطعت وصبرت واحتسبت ورأيت ذلك خيراً لي" "ولو سيرني ما بين الأفق إلى الأفق، لسمعت وأطعت وصبرت وحتسبت ورأيت ذلك خيراً لي" "ولو ردني إلى منزلي لسمعت وأطعت وصبرت واحتسبت ورأيت ذلك خيراً لي"




اقتدائه بالرسول
عاش أبو ذرالغفاري ‎ مقتديا بالرسول فهو يقول: (أوصاني خليلي بسبع، أمرني بحب المساكين والدنو منهم، وأمرني أن أنظر إلى من هو دوني ولا أنظر إلى من هو فوقي، وأمرني ألا أسأل أحدا شيئا، وأمرني أن أصل الرحم، وأمرني أن أقول الحق ولو كان مرا، وأمرني ألا أخاف في الله لومة لائم، وأمرني أن أكثر من: لا حول ولا قوة إلا بالله). وعاش على هذه الوصية، ويقول الإمام علي: (لم يبق اليوم أحد لا يبالي في الله لومة لائم غير أبي ذر).

وكان يقول أبو ذر لمانعيه عن الفتوى: (والذي نفسي بيده، لو وضعتم السيف فوق عنقي، ثم ظننت أني منفذ كلمة سمعتها من رسول الله قبل أن تحتزوا لأنفذتها).

ورآه صاحبه يوما يرتدي جلبابا قديما فقال له: (أليس لك ثوب غير هذا؟... لقد رأيت معك منذ أيام ثوبين جديدين؟)... فأجابه أبو ذر: (يا بن أخي، لقد أعطيتهما من هو أحوج إليهما مني)... قال له: (والله انك لمحتاج إليهما)...

فأجاب أبو ذر: (اللهم غفرا انك لمعظم للدنيا، ألست ترى علي هذه البردة، ولي أخرى لصلاة الجمعة، ولي عنزة أحلبها، وأتان أركبها، فأي نعمة أفضل مما نحن فيه؟)...



وفاته
وقد ورد أنه خرج مع رسول الله في غزوة تبوك وكانت راحلته كبيرة فتأخرت في السير فتركها وحمل متاعه وسار خلف الركب فلما أبصره رسول الله قال : رحم الله أبا ذر يمشي وحده ويموت وحده ويدفن وحده ويبعث وحده.

فبقي في (الربذة) جاءت سكرات الموت لأبي ذر الغفاري، وبجواره زوجته تبكي، فيسألها: (فيم البكاء والموت حق؟)... فتجيبه بأنها تبكي: (لأنك تموت، وليس عندي ثوب يسعك كفنا !)... فيبتسم ويطمئنها ويقول لها: لا تبكي، فاني سمعت رسول الله ذات يوم وأنا عنده في نفر من أصحابه يقول: (ليموتن رجل منكم بفلاة من الأرض، تشهده عصابة من المؤمنين). وكل من كان معي في ذلك المجلس مات في جماعة وقرية، ولم يبق منهم غيري، وهأنذا بالفلاة أموت، فراقبي الطريق فستطلع علينا عصابة من المؤمنين، فاني والله ما كذبت ولا كذبت). وفاضت روحه إلى الله، وصدق.

توفي أبو ذر سنة اثنتين وثلاثين بالربذة، وصلى عليه عبد الله بن مسعود؛ فإنه كان مع أولئك النفر الذين شهدوا موته، وحملوا عياله إلى عثمان بن عفان م بالمدينة، فضم ابنته إلى عياله، وقال‏:‏ يرحم الله أبا ذر‏.‏ كان آدم طويلاً أبيض الرأس واللحية.
 

الخنزوري27

๑ . . عضو ماسي . . ๑
التسجيل
16 فبراير 2010
رقم العضوية
11641
المشاركات
1,415
مستوى التفاعل
70
الجنس
الإقامة
دار زايـد
[align=center]قالو عنه

ما اقلت الغبراء ولا اظلت الخضراء من رجل اصدق من أبي ذر
رسول الله صلى الله عليه وسلم

رحم الله أبا ذر يمشي وحده ويموت وحده ويبعث يوم القيامة وحده
رسول الله صلى الله عليه وسلم

إن الله أمرني بحب أربعة وأخبرني أنه يحبهم قيل يا رسول الله سمهم لنا قال علي منهم يقول ذلك ثلاثا وأبو ذر والمقداد وسلمان أمرني بحبهم وأخبرني أنه يحبهم
رسول الله صلى الله عليه وسلم


لحظات من حياته:
وضحك أبو ذر كذلك، فهو يعرف سر العجب الذي كسا وجه الرسول عليه السلام حين علم أن هذا الذي يجهر بالاسلام أمامه انما هو رجل من غفار..!!

فغفار هذه قبيلة لا يدرك لها شأن في قطع الطريق..!!

وأهلها مضرب الأمثال في السطو غير المشروع.. انهم حلفاء الليل والظلام، والويل لمن يسلمه الليل الى واحد من قبيلة غفار.

أفيجيء منهم اليوم، والاسلام لا يزال دينا غصّا مستخفيا، واحد ليسلم..؟!

يقول أبو ذر وهو يروي القصة بنفسه:

".. فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يرفع بصره ويصوّبه تعجبا، لما كان من غفار، ثم قال: ان الله يهدي من يشاء

أقبل على مكة نشوان مغتبطا..

صحيح أن وعثاء السفر وفيح الصحراء قد وقذاه بالضنى والألم، بيد أن الغاية التي يسعى اليها، أنسته جراحه، وأفاضت على روحه الحبور والبشور.

ودخلها متنكرا، كأنه واحد من أولئك الذين يقصدونها ليطوّفوا بآلهة الكعبة العظام.. أو كأنه عابر سبيل ضل طريقه، أو طال به السفر والارتحال فأوى اليها يستريح ويتزوّد.

فلو علم أهل مكة أنه جاء يبحث عن محمد صلى الله عليه وسلم، ويستمع اليه لفتكوا به.

وهو لا يرى بأسا في أن يفتكوا به، ولكن بعد أن يقابل الرجل الي قطع الفيافي ليراه، وبعد أن يؤمن به، ان اقتنع بصدقه واطمأن لدعوته..

ولقد مضى يتسمّع الأنباء من بعيد، وكلما سمع قوما يتحدثون عن محمد اقترب منهم في حذر، حتى جمع من نثارات الحديث هنا وهناك ما دله على محمد، وعلى المكان الذي يستطيع أن يراه فيه.

في صبيحة يوم ذهب الى هناك، فوجد الرسول صلى الله عليه وسلم جالاسا وحده، فاقترب منه وقال: نعمت صباحا يا أخا العرب..

فأجاب السول عليه الصلاة والسلام: وعليك السلام يا أخاه.

قال أبو ذر:أنشدني مما تقول..

فأجاب الرسول عليه الصلاة والسلام: ما هو بشعر فأنشدك، ولكنه قرآن كريم.

قال أ[و ذر: اقرأ عليّ..

فقرأ عليه الرسول، وأ[و ذر يصغي.. ولم يمضي من الوقت غير قليل حتى هتف أبو ذر:

"أشهد أن لا اله الا الله.

وأشهد أن محمدا عبده ورسوله"!

وسأله النبي: ممن أنت يا أخا العرب..؟

فأجابه أبو ذر: من غفار..

وتألقت ابتسامة على فم السول صلى الله عليه وسلم، واكتسى وجهه الدهشة والعجب..

وضحك أبو ذر كذلك، فهو يعرف سر العجب الذي كسا وجه الرسول عليه السلام حين علم أن هذا الذي يجهر بالاسلام أمامه انما هو رجل من غفار..!!

فغفار هذه قبيلة لا يدرك لها شأو في قطع الطريق..!!

وأهلها مضرب الأمثال في السطو غير المشروع.. انهم حلفاء الليل والظلام، والويل لمن يسلمه الليل الى واحد من قبيلة غفار.

أفيجيء منهم اليوم، والاسلام لا يزال دينا غصّا مستخفيا، واحد ليسلم..؟!



يقول أبو ذر وهو يروي القصة بنفسه:

".. فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يرفع بصره ويصوّبه تعجبا، لما كان من غفار، ثم قال: ان الله يهدي من يشاء.

ولقد كان أبو ذر رضي الله عنه أحد الذين شاء لهم الهدى، وأراد بهم الخير.

وانه لذو بصر بالحق، فقد روي عنه أنه أحد الذين شاء الله لهم الهدى، وأراد بهم الخير.

وانه لذو بصر بالحق، فقد روي عنه أنه أحد الذين كلنوا يتألهون في الجاهلية، أي يتمرّدون على عبادة الأصنام، ويذهبون الى الايمان باله خالق عظيم. وهكذا ما كاد يسمع بظهور نبي يسفّه عبادة الأصناك وعبّادها، ويدعو الى عبادة الله الواحد القهار، حتى حث اليه الخطى، وشدّ الرحال.




**




أسلم أبو ذر من فوره..

وكان ترتيبه في المسلمين الخامس أو السادس..

اذن، هو قد أسلم في الأيام الأولى، بل الساعات الأولى للاسلام، وكان اسلامه مبكرا..

وحين أسلم كلن الرسول يهمس بالدعوة همسا.. يهمس بها الى نفسه، والى الخمسة الذين آمنوا معه، ولم يكن أمام أبي ذر الا أن يحمل ايمانه بين جنبيه، ويتسلل به مغادرا مكة، وعائدا الى قومه...

ولكن أبا ذر، جندب بن جنادة، يحمل طبيعة فوارة جيّاشة.

لقد خلق ليتمرّد على الباطل أنى يكون.. وها هو ذا يرى الباطل بعينيه.. حجارة مرصوصة، ميلاد عابديها أقدم من ميلادها، تنحني أمامها الجباه والعقول، ويناديها الناس: لبيك.. لبيك..!!

وصحيح أنه رأى الرسول يؤثر لهمس في أيامه تلك.. ولكن لا بدّ من صيحة يصيحها هذا الثائر الجليل قبل أن يرحل.

لقد توجه الى الرسول عليه الصلاة والسلام فور اسلامه بهذا السؤال:

يا رسول الله، بم تأمرني..؟

فأجابه الرسول: ترجع الى قومك حتى يبلغك أمري..

فقال أبو ذر: والذي نفسي بيده لا أرجع حتى أصرخ بالاسلام في المسجد..!!

ألم أقل لكم..؟؟

تلك طبيعة متمرّدة جيّاشة، أفي اللحظة التي يكشف فيها أبو ذر عالما جديدا بأسره يتمثل في الرسول الذي آمن به، وفي الدعوة التي سمع بتباشيرها على لسانه.. أفي هذه اللحظة يراد له أن يرجع الى أهله صامتا.؟

هذا أمر فوق طاقته..

هنالك دخل المسجد الحرام ونادى بأعلى صوته:

[أشهد أن لا اله الا الله.. وأشهد أن محمدا رسول الله]...



كانت هذه الصيحة أول صيحة بالاسلام تحدّت كبرياء قريش وقرعت أسماعها.. صاحها رجل غريب ليس له في مكّة حسب ولا نسب ولا حمى..

ولقد لقي ما لم يكن يغيب عن فطنته أنه ملاقيه.. فقد أحاط به المشركون وضربوه حتى صرعوه..

وترامى النبأ الى العباس عم النبي، فجاء يسعى، وما استطاع أن ينقذه من بين أنيابهم الا بالحيلة لذكية، قال له:

"يا معشر قريش، أنتم تجار، وطريقكم على غفار،، وهذا رجل من رجالها، ان يحرّض قومه عليكم، يقطعوا على قوافلكم الطريق".. فثابوا الى رشدهم وتركوه.

ولكن أبا ذر، وقد ذاق حلاوة الأذى في سبيل الله، لا يريد أن يغادر مكة حتى يظفر من طيباته بمزيد...!!

وهكذا لا يكاد في اليوم الثاني وربما في نفس اليوم، يلقى امرأتين تطوفان بالصنمين (أساف، واثلة) ودعوانهما، حتى يقف عليهما ويسفه الصنمين تسفيها مهينا.. فتصرخ المرأتان، ويهرول الرجال كالجراد، ثم لا يفتون يضربونه حتى يفقد وعيه..

وحين يفيق يصرخ مرة أخرى بأنه " يشهد أن لا اله الا الله وأن محمدا رسول الله". ويدرك الرسول عليه الصلاة والسلام طبيعة تلميذه الجديد الوافد، وقدرته الباهرة على مواجهة الباطل. بيد أن وقته لم يأت بعد، فيعيد عليه أمره بالعودة الى قومه، حتى اذا سمع بظهور الدين عاد وأدلى في مجرى الأحداث دلوه..




**




ويعود أبو ذر الى عشيرته وقومه، فيحدثههم عن النبي الذي ظهر يدعو الى عبادة الله وحده ويهدي لمكارم الأخلاق، ويدخل قومه في الاسلام، واحدا اثر واحد.. ولا يمتفي بقبيلته غفار، بل ينتقل الى قبيلة أسلم فيوقد فيها مصابيحه..!!

وتتابع الأيام رحلتها في موكب الزمن، ويهاجر الرسول صلى الله عليه وسلم الى المدينة، ويستقر بها والمسلمون معه.

وذات يوم تستقبل مشارفها صفوفا طويلة من المشاة والركبان، أثارت أقدامهم النقع.. ولولا تكبيراتهم الصادعة، لحبسهم الرائي جيشا مغيرا من جيوش الشرك..

اقترب الموكب اللجب.. ودخل المدينة.. ويمم وجهه شطر مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم ومقامه..

لقد كان الموكب قبيلتي غفار وأسلم، جاء بهما ابو ذر مسلمين جميعا رجالا ونساءا. شيوخا وشبابا، وأطفالا..!!

وكان من حق الرسول عليه الصلاة والسلام أن يزداد عجبا ودهشة..

فبالأمس البعيد عجب كثيرا حين رأى أمامه رجلا واحدا من غفار يعلن اسلامه وايمانه، وقال معبّرا عن دهشته:

"ان الله يهدي من يشاء"..!!

أما اليوم فان قبيلة غفار بأجمعها تجيئه مسلمة..وقد قطعت في الاسلام بضع سنين منذ هداها الله على يد أبي ذر، وتجيء معها قبيلة أسلم..

ان عمالقة السطور وحلفاء الشيطان، قد أصبحوا عمالقة في الخير وحلفاء للحق.

أليس الله يهدي من يشاء حقا..؟؟

لقد ألقى الرسول عليه الصلاة والسلام على وجوههم الطيبة نظرات تفيض غبطة وحنانا وودا..

ونظر الى قبيلة غفار وقال:

"غفار غفر الله لها".

ثم الى قبيلة أسلم فقال:

"وأسلم سالمها الله"..

وأبو ذر هذا الداعية الرائع.. القوي الشكيمة، العزيز المنال.. ألا يختصه الرسول عليه الصلاة والسلام بتحية..؟؟

أجل.. ولسوف يكون جزاؤه موفورا، وتحيته مباركة..

ولسوف يحمل صدره، ويحمل تاريخه، أرفع الأوسمة وأكثرها جلالا وعزة..

ولسوف تفنى القرون والأجيال، والناس يرددون رأي الرسول صلى الله عليه وسلم في أبي ذر:

" ما أقلّت الغبراء، ولا أظلّت الصحراء أصدق لهجة من أبي ذر"..!!

ويدرك الرسول عليه الصلاة والسلام طبيعة تلميذه الجديد الوافد، وقدرته اباهرة على مواجهة الباطل.. بيد أن وقته لم يأت بعد، فيعيد عليه أمره بالعودة الى قومه، حتى اذا سمع بظهور الدين عاد وأدلى في مجرى الأحداث دلّوه..




**




أصدق لهجة في أبي ذر..؟

لقد قرأ الرسول عليه الصلاة والسلام مستقبل صاحبه، ولخص حياته كلها في هذه الكلمات..

فالصدق الجسور، هو جوهر حياة أبي ذر كلها..

صدق باطمه، وصدق ظاهره..

صدق عقيدته وصدق لهجته..

ولسوف يحيا صادقا.. لا يغالط نفسه، ولا يغالط غيره، ولا يسمح لأحد أن يغالطه..

ولئن يكون صدقه فضيلة خرساء.. فالصدق الصامت ليس صدقا عند أبي ذر..

انما الصدق جهر وعلن.. جهر بالحق وتحد للباطل..تأييد للصواب ودحض للخطأ..

الصدق ولاء رشيد للحق، وتعبير جريء عنه، وسير حثيث معه..



ولقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم ببصيرته الثاقبة عبر الغيب القصيّ والمجهول البعيد كل المتاعب التي سيفيئها على أبي ذر صدقه وصلابته، فكان يأمره دائما أن يجعل الأناة والصبر نهجه وسبيله.

وألقى الرسول يوما هذا السؤال:

" يا أبا ذر كيف أنت اذا أدركك أمراء يستأثرون بالفيء"..؟

فأجاب قائلا:

"اذن والذي بعثك بالحق، لأضربن بسيفي".!!

فقال له الرسول عليه الصلاة والسلام:

"أفلا أدلك على خير من ذلك..؟

اصبر حتى تلقاني".

ترى لماذا سأله الرسول هذا السؤال بالذات..؟؟

الأمراء.. والمال..؟؟



تلك قضية أبي ذر التي سيهبها حياته، وتلك مشكلته مع المجتمع ومع المستقبل..

ولقد عرفها رسول الله فألقى عليه السؤال، ليزوده هذه النصيحة الثمينة:"اصبر حتى تلقاني"..

ولسوف يحفظ أبو 1ر وصية معلمه، فلن يحمل السيف الذي توّد به الأمراء الذين يثرون من مال الأمة.. ولكنه أيضا لن يسكت عنهم لحظة من نهار..

أجل اذا كان الرسول قد نهاه عن حمل السيف في وجوههم، فانه لا ينهاه عن أن يحمل في الحق لسانه البتار..

ولسوف يفعل..




**




ومضى عهد الرسول، ومن بعده عصر أبي بكر، وعصر عمر في تفوق كامل على مغريات الحياة ودواعي الفتنة فيها..

حتى تلك النفوس المشتهية الراغبة، لم تكن تجد لرغباتها سبيلا ولا منفذا.

وأيامئذ، لم تكن ثمة انحرافات يرفع أبو ذر ضدها صوته ويفلحها بكلماته اللاهبة...



ولقد طال عهد أمير المؤمنين عمر، فارضا على ولاة المسلمين وأمرائهم وأغنيائهم في كل مكان من الأرض، زهدا وتقشفا، ودعلا يكاد يكون فوق طاقة البشر..



ان واليا من ولاته في العراق، أو في الشام، أ، في صنعاء.. أو في أي من البلاد النائية البعيدة، لا يكاد يصل اليها نوعا من الحلوى، لا يجد عامة الناس قدرة على شرائه، حتى يكون الخبر قد وصل الى عمر بعد أيام. وحتى تكون أوامره الصارمة قد ذهبت لتستدعي ذلك الوالي الى المدينة ليلقى حسابه العسير..!!

ليهنأ أبو ذر اذن.. وليهنأ أكثر ما دام الفاروق العظيم أميرا للمؤمنين..

وما دام لا يضايق أبا ذر في حياته شيء مثلما يضايقع استغلال السلطة، واحتكارالثروة، فان ابن الخطاب بمراقبته الصارمة للسلطة، وتوزيعه العادل للثروة سيتيح له الطمأنينة والرضا..

وهكذا تفرغ لعبادة ربه، وللجهاد في سبيله.. غير لائذ بالصمت اذا رأى مخالفة هنا، أو هناك.. وقلما كان يرى..



بيد أن أعظم، وأعدل، وأروع حكام البشرية قاطبة يرحل عن الدنيا ذات يوم، تاركا وراءه فراغا هائلا، ومحدثا رحيله من ردود الفعل ما لا مفرّ منه ولا طاقة للناس به. وتستمر القتوح في مدّها، ويعلو معها مد الرغبات والتطلع الى مناعم الحياة وترفها..

ويرى أبو ذر الخطر..



ان ألوية المجد الشخصي توشك أن تفتن الذين كل دورهم في الحياة أن يرفعوا راية الله..

ان الدنيا بزخرفها وغرورها الضاري، توشك أن تفتن الذين كل رسالتهم أن يجعلوا منها مزرعة للأعمال الصالحات..

ان المال الذي جعله الله خادما مطيعا للانسان، يوشك أن يتحوّل الى سيّد مستبد..

ومع من؟

مع أصحاب محمد الذي مات ودرعه مرهونة، في حين كانت أكوام الفيء والغنائم عند قدميه..!!

ان خيرات الأرض التي ذرأها الله للناس جميعا.. وجعل حقهم فيها متكافئا توشك أن اصير حكرا ومزية..

ان السلطة التي هي مسؤولية ترتعد من هول حساب الله عليها أفئدة الأبرار، تتحول الى سبيل للسيطرة، وللثراء، وللترف المدمر الوبيل..

رأى أبو ذر كل هذا فلم يبحث عن واجبه ولا عن مسؤوليته.. بل راح يمد يمينه الى سيفه.. وهز به الهواء فمزقه، ونهض قائما يواجه المجتمع بسيفه الذي لم تعرف له كبوة.. لكن سرعان ما رنّ في فؤاده صدى الوصية التي أوصاه بها الرسول، فأعاد السيف الى غمده، فما ينبغي أن يرفعه في وجه مسلم..

(وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا الا خطأ)

ليس دوره اليوم أن يقتل.. بل أن يعترض..

وليس السيف أداة التغيير والتقويم، بل الكلمة الصادقة، الأمينة المستبسلة..

الكلمة العادلة التي لا تضل طريقها، ولا ترهب عواقبها.



لقد أخبر الرسول يوما وعلى ملأ من أصحابه، أن الأرض لم تقلّ، وأن السماء لم تظلّ أصدق لهجة من أبي ذر..

ومن كان يملك هذا القدر من صدق اللهجة، وصدق الاقتناع، فما حاجته الى السيف..؟

ان كلمة واحدة يقولها، لأمضى من ملء الأرض سيوفا..



فليخرج بصدقه هذا، الى الأمراء.. الى الأغنياء. الى جميع الذين أصبحوا يشكلون بركونهم الى الدنيا خطرا على الدين الذي جاء هاديا، لا جابيا.. ونبوة لا ملكا،.. ورحمة لا عذابا.. وتواضعا لا استعلاء.. وتكافؤ لا تمايز.. وقناعة لا جشعا.. وكفاية لا ترفا.. واتئادا في أخذ الحياة، لا فتونا بها ولا تهالكا عليها..

فليخرج الى هؤلاء جميعا، حتى يحكم الله بينهم وبينه بالحق، وهو خير الحاكمين.




**




وخرج أبو ذر الى معاقل السلطة والثروة، يغزوها بمعارضته معقلا معقلا.. وأصبح في أيام معدودات الراية التي التفت حولها الجماهير والكادحون.. حتى في الأقطار النائية التي لم يره أهلها بعد.. طاره اليها ذكره. وأصبح لا يمر بأرض، بل ولا يبلغ اسمه قوما الا أثار تسؤلات هامّة تهدد مصالح ذوي الشلطة والثراء.

ولو أراد هذا الثائر الجليل أن يتخذ لنفسه ولحركته علما خاصا لما كان الشعار المنقوش على العلم سوى مكواة تتوهج حمرة ولهبا، فقد جعل نشيده وهتافه الذي يردده في كل مكان وزمان.. ويردده الانس عنه كأنه نشيد.. هذه الكلمات:

"بشّر الكانزين الذين يكنزون الذهب والفضة بمكاو من نار تكوى بها جباههم وجنوبهم يوم القيامة"..!!

لا يصغد جبلا، ولا ينزل سهلا، ولا يدخل مدينة، ولا يواجه أميرا الا وهذه الكلمات على لسانه.

ولم يعد الانس يبصرونه قادما الا استقبلوه بهذه الكلمات:

" بشّر الكانزين بمكاو من نار"..



**




(لا حاجة لي في دنياكم)..!!

هكذا قال أبو ذر للخليفة عثمان بعد أن وصل الى المدينة، وجرى بينهما حوار طويل.

لقد خرج عثمان من حواره مع صاحبه، بقرار أن يحتفظ به الى جواره في المدينة، محددا بها اقامته.

ولقد عرض عثمان قراره على أبي ذر عرضا رفيقا، رقيقا، فقال له:" ابق هنا يجانبي، تغدو عليك القاح وتروح"..

وأجابه أبو ذر:

(لا حاجة لي في دنياكم).!



أجل لا حاجة له في دنيا الناس.. انه من أولئك القديسين الذين يبحثون عن ثراء الروح، ويحيون الحياة ليعطوا لا ليأخذوا..!!

ولقد طلب من الخليفة عثمان رضي الله عنه أن يأذن له الخروج الى الرّبذة فأذن له..



ولقد ظل وهو في احتدام معارضته أمينا لله ورسوله، حافظا في اعماق روحه النصيحة التي وجهها اليه الرسول عليه الصلاة والسلام ألا يحمل السيف.. لكأن الرسول رأى الغيب كله.. غيب أبي ذر ومستقبله، فأهدى اليه هذه النصيحة الغالية.

ومن ثم لم يكن أبو ذر ليخفي انزعاجه حين يرى بعض المولعين بايقاد الفتنة يتخذون من دعوته سببا لاشباع ولعهم وكيدهم.

جاءه يوما وهو في الرّبدة وفد من الكوفة يسألونه أن يرفع راية الثورة ضد الخليفة، فزجرهم بكلمات حاسمة:

" والله لو أن عثمان صلبني على أطول خشبة، أو جبل، لسمعت، وأطعت، وصبرت واحتسبت، ورأيت ذلك خيرا لي.."

" ولوسيّرني ما بين الأفق الى الأفق، لسمعت وأطعت، وصبرت واحتسبت، ورأيت ذلك خيرا لي..

" ولو ردّني الى منزلي، لسمعت وأطعت، وصبرت واحتسبت، ورأيت ذلك خيرا لي"..



ذلك رجل لا يريد غرضا من أغراض الدنيا، ومن ثم أفاء الله عليه نور البصيرة.. ومن ثم مرة أخرى أدرك ما تنطوي عليه الفتنة المسلحة من وبال وخطر فتحاشاها.. كما أدرك ما ينطوي عليه الصمت من وبال وخطر، فتحاشاه أيضا، ورفع صوته لا سيفه بكلمة الحق ولهجة الصدق، لا أطماع تغريه.. ولا عواقب تثنيه..!

لقد تفرّغ أبو ذر للمعارضة الأمينة وتبتّل.



وسيقضي عمره كله يحدّق في أخطاء الحكم وأخطاء المال، فالحكم والمال يملكان من الاغراء والفتنة ما يخافه أبو ذر على اخوانه الذين حملوا راية الاسلام مع رسولهم صلى الله عليه وسلم، والذين يجب أن يظلوا لها حاملين.

والحكم والمال أيضا، هما عصب الحياة للأمة والجماعات، فاذا اعتورهما الضلال تعرضت مصاير الناس للخطر الأكيد.

ولقد كان أبو ذر يتمنى لأصحاب الرسول ألا يلي أحد منهم امارة أو يجمع ثروة، وأن يظلوا كما كانوا روّاد للهدى، وعبّادا لله..

وقد كان يعرف ضراوة الدنيا وضراوة المال، وكان يدرك أن أبا بكر وعمر لن يتكررا.. ولطالما سمع النبي صلى الله عليه وسلم يحذر أصحابه من اغراء الامارة ويقول عنها:

".. انها أمانة، وانها يوم القيامة خزي وندامة.. الا من أخذها بحقها، وأدّى الذي عليه فيها"...



ولقد بلغ الأمر بأبي ذر لى تجنّب اخوانه ان لم يكن مقاطعتهم،لأنهم ولوا الامارات، وصار لهم بطبيعة الحال ثراء وفرة..

لقيه أبو موسى الأشعري يوما، فلم يكد يراه حتى فتح له ذراعيه وهو يصيح من الفرح بلقائه:" مرحبا أبا ذر.. مرحبا بأخي".

ولكن أبا ذر دفعه عنه وهو يقول:

" لست بأخيك، انما كنت أخاك قبل أن تكون واليا وأميرا"..!

كذلك لقيه أبو هريرة يوما واحتضنه مرحّبا، ولكن أبا ذر نحّاه عنه بيده وقال له:

(اليك عني.. ألست الذي وليت الامارة، فتطاولت في البنيان، واتخذت لك ماشية وزرعا)..؟؟

ومضى أبو هريرة يدافع عن نفسه ويبرئها من تلك الشائعات..

وقد يبدو أبو ذر مبالغا في موقفه من الجكم والثروة..

ولكن لأبي ذر منطقه الذي يشكله صدقه مع نفسه، ومع ايمانه، فأبو ذر يقف بأحلامه وأعماله.. بسلوكه ورؤاه، عند المستوى الذي خلفه لهم رسول الله وصاحباه.. أبو بكر وعمر..



واذا كان البعض يرى في ذلك المستوى مثالية لا يدرك شأوها، فان ابا ذر يراها قدوة ترسم طريق الحياة والعمل، ولا سيما لأولئك الرجال الذين عاصروا الرسول عليه السلام، وصلوا وراءه، وجاهدوا معه، وبايعوه على السمع والطاعة.

كما أنه يدرك بوعيه المضيء، ما للحكم وما للثروة من أثر حاسم في مصاير الناس، ومن ثم فان أي خلل يصيب أمانة الحكم، أو عدالة الثروة، يشكل خطرا يجب دحضه ومعارضته.




**




ولقد عاش أبو ذر ما استطاع حاملا لواء القدوة العظمى للرسول عليه السلام وصاحبيه، أمينا عليها، حارسا لها.. وكان أستاذ في فن التفوق على مغريات الامارة والثروة،...

عرضت عليه الامارة بالعراق فقال:

" لا والله.. لن تميلوا عليّ بدنياكم أبدا"..

ورآه صاحبه يوما يلبس جلبابا قديما فسأله:

أليس لك ثوب غير هذا..؟! لقد رأيت معك منذ أيام ثوبين جديدين..؟

فأجابه أبو ذر: " يا بن أخي.. لقد أعطيتهما من هو أحوج اليهما مني"..

قال له: والله انك لمحتاج اليهما!!

فأجاب أبو ذر: "اللهم اغفر له.. انك لمعظّم للدنيا، ألست ترى عليّ هذه البردة..؟؟ ولي أخرى لصلاة الجمعة، ولي عنزة أحلبها، وأتان أركبها، فأي نعمة أفضل ما نحن فيه"..؟؟




**




وجلس يوما يحدّث ويقول:

[أوصاني خليلي بسبع..

أمرني بحب المساكين والدنو منهم..

وأمرني أن أنظر الى من هو دوني، ولاأنظر الى من هو فوقي..

وأمرني ألا أسأل أحد شيئا..

وأمرني أن أصل الرحم..

وأمرني أن أقول الحق وان كان مرّا..

وأمرني أن لا أخاف في الله لومة لائم..

وأمرني أن أكثر من: لا حول ولا قوة الا بالله].



ولقد عاش هذه الوصية، وصاغ حياته وفقها، حتى صار "ضميرا" بين قومه وأمته..



ويقول الامام علي رضي الله عنه:

"لم يبق اليوم أحد لا يبالي في الله لومة لائم غير أبي ذر"..!!

عاش يناهض استغلال الحكم، واحتكار الثروة..

عاش يدحض الخطأ، ويبني الصواب..

عاش متبتلا لمسؤولية النصح والتحذير..

يمنعونه من الفتوى، فيزداد صوته بها ارتفاعا، ويقول لمانعيه:

" والذي نفسي بيده، لو وضعتم السيف فوق عنقي، ثم ظننت أني منفذ كلمة سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن تحتزوا لأنفذتها"..!!






والآن يعالج أبو ذر سكرات الموت في الربذة.. المكان الذي اختار الاقامة فيه اثر خلافه مع عثمان رضي الله عنه، فتعالوا بنا اليه نؤد للراحل العظيم تحية الوداع، ونبصر في حياته الباهرة مشهد الختام.

ان هذه السيدة السمراء الضامرة، الجالسة الى جواره تبكي، هي زوجته..

وانه ليسألها: فيم البكاء والموت حق..؟

فتجيبه بأنها تبكي: " لأنك تموت، وليس عندي ثوب يسعك كفنا"..!!

".. لا تبكي، فاني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم وأنا عنده في نفر من أصحابه يقول: ليموتنّ رجل منكم بفلاة من الأرض، تشهده عصابة من المؤمنين..

وكل من كان معي في ذلك المجلس مات في جماعة وقرية، ولم يبق منهم غيري .. وهأنذا بالفلاة أموت، فراقبي الطريق،، فستطلع علينا عصابة من المؤمنين، فاني والله ما كذبت ولا كذبت".

وفاضت روحه الى الله..

ولقد صدق..

فهذه القافلة التي تغذ السير في الصحراء، تؤلف جماعة من المؤمنين، وعلى رأسهم عبدالله بن مسعود صاحب رسول الله.

وان ابن مسعود ليبصر المشهد قبل أن يبلغه.. مشهد جسد ممتد يبدو كأنه جثمان ميّت، والى جواره سيدة وغلام يبكيان..

ويلوي زمام دابته والركب معه صوب المشهد، ولا يكاد يلقي نظرة على الجثمان، حتى تقع عيناه على وجه صاحبه وأخيه في الله والاسلام أبي ذر.

وتفيض عيناه بالدمع، ويقف على جثمانه الطاهر يقول:" صدق رسول الله.. نمشي وحدك، وتموت وحدك، وتبعث وحدك".!

ويجلس ابن مسعود رضي الله عنه لصحبه تفسير تلك العبارة التي نعاه بها:" تمشي وحدك.. وتموت حدك.. وتبعث وحدك"...




**




كان ذلك في غزوة تبوك.. سنة تسع من الهجرة، وقد أمر الرسول عليه السلام بالتهيؤ لملاقاة الروم، الذين شرعوا يكيدون للاسلام ويأتمرون به.

وكانت الأيام التي دعى فيها الناس للجهاد أيام عسر وقيظ..

وكانت الشقة بعيدة.. والعدو مخيفا..

ولقد تقاعس عن الخروج نفر من المسلمين، تعللوا بشتى المعاذير..

وخرج الرسول وصحبه.. وكلما أمعنوا في السير ازدادوا جهدا ومشقة، فجعل الرجل يتخلف، ويقولون يا رسول الله تخلف فلان، فيقول:

" دعوه.

فان يك فيه خير فسيلحقه الله بكم..

وان يك غير ذلك فقد أراحكم الله منه"..!!

وتلفت القوم ذات مرة، فلم يجدوا أبا ذر.. وقالوا للرسول عليه الصلاة والسلام:

لقد تخلف أبو ذر، وأبطأ به بعيره..

وأعاد الرسول مقالته الأولى..

كان بعير أبي ذر قد ضعف تحت وطأة الجوع والظمأ والحر وتعثرت من الاعياء خطاه..

وحاول أبو ذر أن يدفعه للسير الحثيث بكل حيلة وجهد، ولكن الاعياء كان يلقي ثقله على البعير..

ورأى أبو ذر أنه بهذا سيتخلف عن المسلمين وينقطع دونهم الأثر، فنزل من فوق ظهر البعير، وأخذ متاعه وحمله على ظهره ومضى ماشيا على قدميه، مهرولا، وسط صحراء ملتهبة، كما يدرك رسوله عليه السلام وصحبه..



وفي الغداة، وقد وضع المسلمون رحالهم ليستريحوا، بصر أحدهم فرأى سحابة من النقع والغبار تخفي وراءها شبح رجل يغذ السير..

وقال الذي رأى: يا رسول الله، هذا رجل يمشي على الطريق وحده..

وقال الرسول عليه الصلاة والسلام:

(كن أبا ذر)..



وعادوا لما كانوا فيه من حديث، ريثما يقطع القادم المسافة التي تفصله عنهم، وعندها يعرفون من هو..



وأخذ المسافر الجليل يقترب منهم رويدا.. يقتلع خطاه من الرمل المتلظي اقتلاعا، وحمله فوق ظهره بتؤدة.. ولكنه مغتبط فرحان لأنه أردك القافلة المباركة، ولم يتخلف عن رسول الله واخوانه المجاهدين..

وحين بلغ أول القافلة، صاح صائهحم: يارسول الله: انه والله أبا ذر..

وسار أبو ذر صوب الرسول.

ولم يكد صلى الله عليه وسلم يراه حتى تألقت على وجهه ابتسامة حانية واسية، وقال:

[يرحم الله أبا ذر..

يمشي وحده..

ويموت وحده..

ويبعث وحده..].



وبعد مضي عشرين عاما على هذا اليوم أو تزيد، مات أبو ذر وحيدا، في فلاة الربذة.. بعد أن سار حياته كلها وحيدا على طريق لم يتألق فوقه سواه.. ولقد بعث في التاريخ وحيدا في عظمة زهده، وبطولة صموده..



ولسوف يبعث عند الله وحيدا كذلك؛ لأن زحام فضائله المتعددة، لن يترك بجانبه مكانا لأحد سواه..!!!
[/align]
 

۝ لــصـمـيــة ۝

๑ . . عضو ماسي . . ๑
التسجيل
1 ديسمبر 2010
رقم العضوية
12953
المشاركات
1,805
مستوى التفاعل
262
الجنس
الإقامة
دار زايـــد ..
ماشالله كل صحابي يتميز عن غيره من الصحابه من صفات واخلاق وهمم عاليه وكل ما يجمع بينهم قوة الإيمان بالله ونصرة الدين ..

مشكوور أخوي ع المووضع الجميل ..
 

غاية المنى

๑ . . عضو ذهبي . . ๑
التسجيل
13 يونيو 2010
رقم العضوية
12220
المشاركات
3,891
مستوى التفاعل
257
الجنس
الإقامة
هَـنّـآ ۈ هُنـآڪَ
الموقع الالكتروني
معلومااات رائعه ..


سلمت الايادي .^^
 

ربي ثبت قلبي...

๑ . . مشرفة برزة الدراسات والبحوث . . ๑
مشرف
التسجيل
14 سبتمبر 2010
رقم العضوية
12671
المشاركات
4,129
مستوى التفاعل
851
الجنس
الإقامة
السعودية
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته


جزاك الله خير وكتبه الله في حسناتك


بتوفيق
 

بوخالد الحجاجي

๑ . . مشرف برزة الدراسات والبحوث . . ๑
مشرف
التسجيل
9 ديسمبر 2010
رقم العضوية
12988
المشاركات
3,692
مستوى التفاعل
571
الجنس
الإقامة
البحرين
ما شاء الله

نقل طيب
ولكن حبذا لو ذكرت المصدر
 

الخنزوري27

๑ . . عضو ماسي . . ๑
التسجيل
16 فبراير 2010
رقم العضوية
11641
المشاركات
1,415
مستوى التفاعل
70
الجنس
الإقامة
دار زايـد
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته


تسلموو على الردووود الجميـــلة


ومـــا قصـــرتوو
 
عودة
أعلى