فارس
Ω وما توفيقي إلا بالله Ω
- التسجيل
- 10 نوفمبر 2008
- رقم العضوية
- 9781
- المشاركات
- 2,399
- مستوى التفاعل
- 1,838
- الجنس
- الإقامة
- الإمارات
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المتلفت إنسان مضطربٌ مبعثر ، لا منهج لديه ولا رؤية ، كل يوم بمبدأ ، وكل ساعة بسلوك
إذ لا معتقد عنده يملك عليه وجدانه ، ولا رسالة بين يديه يلتزم بها أو يثابر في تنفيذها
والحائر يتطلع إلى جملة من الناس فينخدع ببريق كلامهم ، فيميل نحوهم على غير رشاد
ثم يتطلع إلى آخرين فيغتر بظواهرهم ومناظرهم ، فيتردد بين هؤلاء وهؤلاء بلا تفكر أو تدبر
وهكذا يظل كالريشة تتقاذفه الريح
" مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا " النساء آية 143
والمتلفت في ميادين الإصلاح لا يفلح ولا ينجح ، لأنه قد يتبنى منهجاً عن طريق المحاكاة والمتابعة
يشيد به ويتعصب له ، وما يكاد يمضي إلا وقد تنكب الدرب دونما سبب ، يبدِلُه بآخر ، وهكذا يظل متأرجحاً
يقدم ويحجم ، ويبني ويهدم ، ومع اضطرابه وتردده لا يتم إصلاح ولا يكمل بناء .
والمتلفت رجل ينشغل بعيوب غيره ، وقد كان من الواجب أن ينشغل بذاته ، فهو يتلفت إلى هذا وذاك
ما فتئ يحصي عليهم عيوبهم ، ويتحدث عنها في كل محفل ، يندد بأهلها ، فيهدم بذلك غيره ويمحق جهده
فلا هو أصلح في نفسه عيباً ، ولا هو ترك غيره يمضي في السبيل .
وصاحب الصنعة إذا تلفت في عمله أو صنعته ، فلم يجمع شتات ذهنه ، ولم يركز جهده في إنتاجه
فإنه لا يصل إلى حد الإتقان والجودة ، ومن ثم لا يستحق توفية أجر ولا تكريم ذكر
و نسي قول الرسول صلى الله عليه وسلم :
" إن الله تعالى يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه " صحيح الجامع . رقم : 1880
وطالب العلم إذا تلفت ذات اليمين وذات الشمال ، وشغله عن تحصيله لهوٌ يستبد به ، أو عبثٌ يسيطر عليه
لا يمكن أن يصل إلى تفوق أو نجاح ، وهكذا كل إنسان في الحياة لا يمكن أن ينجز عملا ، أو يحقق أملا
إلا إذا مضى في الطريق على بينة ، ثم واصل العزم بلا تردد ، ولعل هذا هو بعض ما يفهم من قول الله جل جلاله :
" وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون " الأنعام آية 153
إنها دعوة إلى رؤية هدف ثم وضع منهج ، وتحديد خطة ، ومواصلة مسير ، حتى يبلغ الكتاب أجله ، ويحقق المرتقي أمله
وهذا لا يتأتى إلا بدعامتين راسختين : هما العقيدة القائمة على العلم الصحيح الثابت ، ثم العمل المستقيم الدائم .