الملك
๑ . . عضو فعال . . ๑
- التسجيل
- 4 فبراير 2003
- رقم العضوية
- 112
- المشاركات
- 415
- مستوى التفاعل
- 12
- العمر
- 48
- الجنس
(( حدث ذات مساء ! ))
[c]
(( حدث ذات مساء ))
المكان / مقهى هافانا دبي سيتي سنتر
كعادتي كل خميس ! اتخذت ركناً من أركان المقهى الفاخر
وجلست حيث كنت معتاد أن اجلس
فالطاولة والكرسي يعرفاني وإن غبت في يوم الخميس فقداني
لن أبالغ إن قلت أنهما يسألان النادل عني
ويشعران بالوحدة دوني فقد عودتهما على وجودي كل يوم الخميس
بالمناسبة.. عادة تزف العروس لعريسها
فتكون الفرحة عامرة بنفسها
فيبدو لي أن طاولتي والكرسي قد ذاقا نفس طعم الفرحة بوجدي كل يوم خميس
لذلك هما ينتظراني.
تقدم النادل مني
ينظر إليَّ وهو يعرف بأني لن أغير طلبي كعادتي فنجان من القهوة التركية
لكنه أصر على الوقوف على أمل أن يتغير ذاك الحال من سنين
أو أني قد اطلب شيء آخر، كعكة مثلاً ، أو أي شيء
نظر إلي مطولاً
فناظرته بحزم وقلت له : قهوتي العادية أيها النادل لن اطلب المزيد
تجهم المسكين .. يريد أن يعرف ما السر الذي يحويني طوال هذه السنين ؟؟
ولماذا هذه الطاولة بالذات ولماذا لا يتغير الطلب أبداً قهوة تركية
مع سيجارة كوبية ، ثم لماذا مكوثي فقط ساعة زمنية ؟؟؟
دقائق مضت قبل أن يلبي لي طلبي
قائلا : تفضل سيدي قهوتك
وضع الفنجان و قفل راجعاً
ناديته ..
التفت إلي قائلاً: هل من خدمة سيدي ؟
قلت له : لا.. لكن ربطة عنقك غير متقنة
اربطها جيداً ألا ترى أني لا أغير هذا المقهى أبداً
أريد كل شيء مرتب هنا حتى أنت أيها النادل
ألا يكفي أن ساعتي الوحيدة التي أشعر بها بنفسي
هي في هذا اليوم وفي هذا المكان ؟؟
هل تريد أن تعكر صفو ساعتي أيها النادل ؟؟
قال بحياء:
أعتذر سيدي الملك ! تأكد بأني سأربطها جيداً
هل من خدمة أخرى سيدي ؟؟
قلت له: لا.. انصرف الآن.
قهوتي التركية وسيجارتي الكوبية يشتعلان
فتلك برائحة البن التي تزكم الأنوف
والأخرى بدخان يشكل في كل مرة دوائر
وحلقات متداخلة بشكل هندسي متقن
حقيقة لا أعرف ما الذي يجري لي حين أجلس هنا ؟؟
وكأني وحدي في هذا المكان ! والزمان غير هذا الزمان
ما زلت أتأمل في فنجان قهوتي فقد رسمت عليه صورة امرأة شبه عارية
يا لا هذا الفنان البارع كيف أبدع في رسم جمال هذه الأنثى
ما ضره لو سترها قليلا !؟
ستكون أجمل بكثير من ما عليه الآن !!
خطوات تقترب من الطاولة المجاورة لي
بل الملاصقة تقريباً لطاولتي لم ألتفت لأرى من ؟
لكني أيقنت بأن هناك أمراً جلالاً سيحدث
قد يكون حدثي وإحساسي بالمصائب مسبقاً
صوت أنثوي رقيق باكٍ كئيب
بالكاد تخرج الحروف من بين شفتيها
تنادي على النادل
فيدور بينهم هذا الحوار
النادل: تفضلي سيدتي ؟
هي : أريد قهوة تركية بنكهة الزرنيخ أو السيانيد
النادل: عفوا سيدتي لم أفهم
هي تصرخ في وجه:
يا لك من نادل أحمق أصم
قلت لك قهوة بنكهة الزرنيخ أو السيانيد ألا تفهم ؟
النادل: عفوا سيدتي.. لكن هذه المواد سامة ! هل تريدين أن تنتحرين ؟؟
نظرت إليه بغضب وقالت:
لا.. لا أريد أن انتحر
أريد أن أجرب طعمه فقط
طبعاً أريد أن انتحر ثم ما شأنك أنت ؟؟
النادل: سيدتي.. لن اسمح لك بهذا ثم إننا في مقهى وليس في صيدلية !!
وقبل أن يكمل قاطعته قائلة:
لست هنا لكي تقول لي ما تسمح وما لا تسمح به
يبدو أن هذا المقهى فاشل كالعاملين فيه
قامت بعصبية ودفعت الطاولة بعيداً تريد أن تذهب
لكنها تحركت في نفس اتجاهي وحين مرت أمامي مسكت معصمها بقوة
عصرته حتى كدتُ أن أكسره وهي تنظر إلي ببلاهة وتعجب
من هذا الذي يجرأ على فعل هذا معي ؟
لم أكن أناظرها !! بل كنت أعصرها
فأكسر عظامها تحت يدي
وأجبرها من الألم على أن تنصاع رغم أنفها للجلوس في الكرسي المقابل لي
تجلس وكأن كل الخوف والهدوء قد توطن فيها
التقت عيني بعينها هذه ليست إنسانة عادية
قد تكون جنية فأخذتْ من كل جمال نساء أهل الأرض خلية
عيون واسعة لكنها ذابلة ، شفتان صغيرتان وخدود حمراء فلنقل وردية
خصلات من شعر ليلكي تسقط على خدها الأيمن
رغم قلة الإضاءة في هذا المقهى إلا أن بياض نحرها
يا لهذه الفاتنة الحسناء
أيعقل أن تفكر من تمتلك كل هذا في الموت ؟
دقائق طويلة والصمت يلف المكان
وهي ما زالت تنظر إلي بتلك النظرة البلهاء
تريد أن تقول شيء لكنها لا تملك سوى صمتها ... الحمقاء.
ناديتُ على النادل وطلبتُ فنجاناً آخر من القهوة التركية
وهمست في أذنه سراً لا أريد هذا النوع من الفناجين على طاولتي
ذهب..
وبقيت أنا مع هذه الفاتنة . لم أكن أنوي أن أحادثها ما لم تكن هي البادئة
احترمتُ صمتها طويلاً ، انتهت ساعتي المفترضة
لكني مددتـُها من أجل أن أرى ما وراء هذه الأنثى
أخيراً نطقت ودار بيننا هذا الحوار
قالت لي : ماذا تريد مني ؟؟؟؟؟
أجبتها: -لا شيء
بتعجب قالت : لماذا مسكت يدي وأجلستني على طاولتك ؟؟
ببرود أجبتها : لأني أريد ذلك
قالت : ما السبب ؟؟؟
قلت : فقط .. لأني أريد ذلك
بغضب صرخت : سحقاً لك هل تعرفني لكي تفعل ما فعلت ؟؟
قلت لها : وهل من الضروري أن أعرفك ؟
قالت : من أنت ؟؟
أجبتها : الملك
قالت : ما شأنك بي
قلت : لا شيء
قالت : دعني أذهب
مسكت يدها قائلاً : لا أظن أنك تريدين أن تجربي الألم في كسر يديك مرة أخرى؟
ثم أنت على طاولتي فأنا من يسمح لك بالذهاب أليس هذا من الذوق ؟؟
قالت : ماذا تريد مني ؟
أجبتها : لماذا تحاولين الانتحار بالزرنيخ أو السيانيد ؟؟؟
قالت : ما شأنك أنت ؟؟؟
قلت : قصدت أن هناك طرق أسهل وأرقى للانتحار
بعصبية قالت : أتهزأ بي ؟؟
ببرودي المعتاد أجبتها : لا.. لكني أحاول أن أساعدك !!
بذهول أجابت : تساعديني على الانتحار ؟؟؟
بسخرية قلت لها : لا ... أساعدك على تجنب الألم في وقت الانتحار
تساءلت : أنت مجنون ؟؟؟
فرددت عليها بسؤال : وماذا عنك أنت ؟؟ عاقلة وتحاولين الانتحار ؟؟
أردفت : لا شأن لك بي دعني أذهب
وصل النادل حاملاً فنجان قهوة التركية
فأشرت إليها بأن القهوة لها وضعها ثم انصرف
بتعجب قالت : من قال لك أني أريد قهوة ؟؟
أجبتها : أنت طلبتها قبل قليل
قالت : أريدها سادة بدون سكر
قلت : ومن قال لك أني طلبتها بسكر
ارتشفت منها رشفة من شفتيها الصغيرتين
كانت أجمل شفتين تراهما العين
قالت بحيرة : وما يدريك أني أشرب قهوتي سادة ؟
أجبتها : لأنك لو تشربينها بالزيادة لأخبرت النادل قبل قليل
بعصبية قالت : سحقا لك !!! كنت تسترق السمع إذن ؟
ببرود قلت لها : لا .. صوتك وصل إلى حدود الصين وأنت لا تشعرين
سألتها : هل تدخنين ؟؟
أجابت :- لا... التدخين مضر بالصحة ألا تعلم هذا ؟
بسؤال ساخر أجبتها : أها .. مضر بالصحة ! وماذا عن الزرنيخ و السيانيد !؟
بغضب قالت : ماذا تقصد ؟؟؟ اسمع لا تستفزني أكثر ! سأتركك وأذهب .....
قاطعتها قائلا:
لماذا تكرهين الحياة ؟
ما الذي يدفعك للتخلي عن الروح من أجل ألم الحياة ؟
وما ذاك الألم الذي يجعلك تنسلخين من وجودك في الحياة ؟
أجهشت بالبكاء وقالت:
أنت لا تعرف شيئا لقد أحببته من كل قلبي
وهبته عقلي وفكري وقلبي
أعطيته كل شيء حتى لم يبقى لي شيء
هل تعي ما مقدار ما أعطيته ؟
وفي النهاية ماذا حدث ؟؟ تركني
تركني وأحب صديقتي تصور صديقتي
أنتم الرجال لا أمان لكم في الحب
لا أمان لكم في كل شيء فلماذا أعيش ؟
ومن أجل من أبقى في هذه الحياة حبيبي أم صديقتي ؟
كنا نجلس على تلك الطاولة هناك نتبادل الحب والغرام
والعشق والهيام كان اللئيم يكذب علي .
لو كان صادقاً في حبه لما تركني .
ما زالت تبكي...
بكل برود قلت لها: أنت فعلاً حمقاء غبية
رفعت وجهها ونظرت إلي بغضب شديد وكأن حمم براكين من عينيها تفيض وقالت:
هل أنت مجنون ؟؟ كيف تنعتني بهذه الألفاظ الدنيئة ؟؟
أجبتها بحزم:
لأنك فعلاً كذلك ، لو كنت حاذقة ذكية
لعرفتِ أن لا شيء في الحياة يسوى كل هذه السوية
الحياة لا تتوقف عند نهاية قصة مأساوية
أو غدر أو خيانة في ليلة سرمدية.
هدأت قليلاً... ومضت ترتشف قهوتها
قالت لي بعد أن شعرت بأني أنظر إليها:
لماذا تنظر إلي هكذا ؟؟ أحذر فقد كان لي ألف قتيل بعشقي
أجبتها بثقة : لكنك قبل قليل كدت أن تكوني أنت قتيلة رجلٍ مثلي
صمتت فلم تعرف ماذا تقول ...
اطمأنت إلي على ما يبدو فعاجلتني بسؤالين :
أخبرني من أنت ؟؟ وما حكايتك ؟؟؟
أجبتها دون تردد:
أنا الملك وحكايتي مثلك
كانت تجلس حيث أنت الآن
كانت مثلك أبادلها الحب والعشق والهيام
وأرتقي بها نحو الغمام
وأذوبها بسحر همسي فأفقدها الزمام
وأطوقها بصدري كطوق الحمام
وأُغني لها أغنية كي تنام
حبنا كان وئام بوئام
تركتني... هجرتني ... إلى صدر رجلٍ أخر غافلتني
وحيث أجلس هنا جالستـُه يوماً وحلفت له بأن لا رجلاً غيره في قلبها
وحين اكتشفت الأمر تركتها لكني لم أفكر في الموت لأجلها
و حفظت ودادها وذكرى أيام معها عِشتـُها
فشرعت في كل خميس أجلس أتذكر عهدي وليس عهدها
حين بالحب آمنت وصدقتها
ضحكنا بعفوية ، فنحن أسوأ عاشقين في البشرية
وكيف للأقدار أن تجمع قلبين حطمتهما رياح غدرٍ قوية
على ظلال دخان سيجار كوبية وعلى نكهة قوية تركية
في لحظة انسجام عاطفي نسيتْ هي حبيبها ونسيت أنا حبيبتي
فمدت يدها فمددت يدي وتشابكت أصابع اليد باليد
وتلاقت العيون الند بالند ...
نظرت إليها فإذا هي تترنح ثملةً من لحظات عشق لم تكتمل
ومشاعر جنون لا تحتمل
لا أعرف اسمها لكي أناديها
لكني قلت لها آنستي:
يبدو أننا قد نسينا نفسنا
انظري قد تفرق البشر من حولنا
لم يبقى إلا الظلام يضمنا
وتلك الشموع ستموت لا من لهيب نارها بل من لهيب ما جرى بيننا
أمسكت بيديها و أوقفتها ، ونقدتُ النادل بكل ما في محفظتي
لا أعرف كم ؟ لكن من بريق عينيه عرفت أني قد نقدته
ما يكفي لجعله يترك عمله لمدة أشهر طويلة دون أن يحتاج لدرهم واحد.
في منتصف الطريق توقفت ونظرت إلي وقالت:
( أحبك فلا تسألني ما الدليل فهل سمعت رصاصة تسأل القتيل )
ضممتها ومضينا بعيداً عن المقهى والنادل الذي ظل يحلم بيوم خميس جديد
لكنه بكل آسف لم يأتي ذاك الخميس فقد كان آخر يوم أدخل فيه مقهى هافانا
(( الملك ))
[RAM]http://www.ozq8.com/ram/eng/music-slow/17.ram[/RAM]
[/C]
[c]
(( حدث ذات مساء ))
المكان / مقهى هافانا دبي سيتي سنتر
كعادتي كل خميس ! اتخذت ركناً من أركان المقهى الفاخر
وجلست حيث كنت معتاد أن اجلس
فالطاولة والكرسي يعرفاني وإن غبت في يوم الخميس فقداني
لن أبالغ إن قلت أنهما يسألان النادل عني
ويشعران بالوحدة دوني فقد عودتهما على وجودي كل يوم الخميس
بالمناسبة.. عادة تزف العروس لعريسها
فتكون الفرحة عامرة بنفسها
فيبدو لي أن طاولتي والكرسي قد ذاقا نفس طعم الفرحة بوجدي كل يوم خميس
لذلك هما ينتظراني.
تقدم النادل مني
ينظر إليَّ وهو يعرف بأني لن أغير طلبي كعادتي فنجان من القهوة التركية
لكنه أصر على الوقوف على أمل أن يتغير ذاك الحال من سنين
أو أني قد اطلب شيء آخر، كعكة مثلاً ، أو أي شيء
نظر إلي مطولاً
فناظرته بحزم وقلت له : قهوتي العادية أيها النادل لن اطلب المزيد
تجهم المسكين .. يريد أن يعرف ما السر الذي يحويني طوال هذه السنين ؟؟
ولماذا هذه الطاولة بالذات ولماذا لا يتغير الطلب أبداً قهوة تركية
مع سيجارة كوبية ، ثم لماذا مكوثي فقط ساعة زمنية ؟؟؟
دقائق مضت قبل أن يلبي لي طلبي
قائلا : تفضل سيدي قهوتك
وضع الفنجان و قفل راجعاً
ناديته ..
التفت إلي قائلاً: هل من خدمة سيدي ؟
قلت له : لا.. لكن ربطة عنقك غير متقنة
اربطها جيداً ألا ترى أني لا أغير هذا المقهى أبداً
أريد كل شيء مرتب هنا حتى أنت أيها النادل
ألا يكفي أن ساعتي الوحيدة التي أشعر بها بنفسي
هي في هذا اليوم وفي هذا المكان ؟؟
هل تريد أن تعكر صفو ساعتي أيها النادل ؟؟
قال بحياء:
أعتذر سيدي الملك ! تأكد بأني سأربطها جيداً
هل من خدمة أخرى سيدي ؟؟
قلت له: لا.. انصرف الآن.
قهوتي التركية وسيجارتي الكوبية يشتعلان
فتلك برائحة البن التي تزكم الأنوف
والأخرى بدخان يشكل في كل مرة دوائر
وحلقات متداخلة بشكل هندسي متقن
حقيقة لا أعرف ما الذي يجري لي حين أجلس هنا ؟؟
وكأني وحدي في هذا المكان ! والزمان غير هذا الزمان
ما زلت أتأمل في فنجان قهوتي فقد رسمت عليه صورة امرأة شبه عارية
يا لا هذا الفنان البارع كيف أبدع في رسم جمال هذه الأنثى
ما ضره لو سترها قليلا !؟
ستكون أجمل بكثير من ما عليه الآن !!
خطوات تقترب من الطاولة المجاورة لي
بل الملاصقة تقريباً لطاولتي لم ألتفت لأرى من ؟
لكني أيقنت بأن هناك أمراً جلالاً سيحدث
قد يكون حدثي وإحساسي بالمصائب مسبقاً
صوت أنثوي رقيق باكٍ كئيب
بالكاد تخرج الحروف من بين شفتيها
تنادي على النادل
فيدور بينهم هذا الحوار
النادل: تفضلي سيدتي ؟
هي : أريد قهوة تركية بنكهة الزرنيخ أو السيانيد
النادل: عفوا سيدتي لم أفهم
هي تصرخ في وجه:
يا لك من نادل أحمق أصم
قلت لك قهوة بنكهة الزرنيخ أو السيانيد ألا تفهم ؟
النادل: عفوا سيدتي.. لكن هذه المواد سامة ! هل تريدين أن تنتحرين ؟؟
نظرت إليه بغضب وقالت:
لا.. لا أريد أن انتحر
أريد أن أجرب طعمه فقط
طبعاً أريد أن انتحر ثم ما شأنك أنت ؟؟
النادل: سيدتي.. لن اسمح لك بهذا ثم إننا في مقهى وليس في صيدلية !!
وقبل أن يكمل قاطعته قائلة:
لست هنا لكي تقول لي ما تسمح وما لا تسمح به
يبدو أن هذا المقهى فاشل كالعاملين فيه
قامت بعصبية ودفعت الطاولة بعيداً تريد أن تذهب
لكنها تحركت في نفس اتجاهي وحين مرت أمامي مسكت معصمها بقوة
عصرته حتى كدتُ أن أكسره وهي تنظر إلي ببلاهة وتعجب
من هذا الذي يجرأ على فعل هذا معي ؟
لم أكن أناظرها !! بل كنت أعصرها
فأكسر عظامها تحت يدي
وأجبرها من الألم على أن تنصاع رغم أنفها للجلوس في الكرسي المقابل لي
تجلس وكأن كل الخوف والهدوء قد توطن فيها
التقت عيني بعينها هذه ليست إنسانة عادية
قد تكون جنية فأخذتْ من كل جمال نساء أهل الأرض خلية
عيون واسعة لكنها ذابلة ، شفتان صغيرتان وخدود حمراء فلنقل وردية
خصلات من شعر ليلكي تسقط على خدها الأيمن
رغم قلة الإضاءة في هذا المقهى إلا أن بياض نحرها
يا لهذه الفاتنة الحسناء
أيعقل أن تفكر من تمتلك كل هذا في الموت ؟
دقائق طويلة والصمت يلف المكان
وهي ما زالت تنظر إلي بتلك النظرة البلهاء
تريد أن تقول شيء لكنها لا تملك سوى صمتها ... الحمقاء.
ناديتُ على النادل وطلبتُ فنجاناً آخر من القهوة التركية
وهمست في أذنه سراً لا أريد هذا النوع من الفناجين على طاولتي
ذهب..
وبقيت أنا مع هذه الفاتنة . لم أكن أنوي أن أحادثها ما لم تكن هي البادئة
احترمتُ صمتها طويلاً ، انتهت ساعتي المفترضة
لكني مددتـُها من أجل أن أرى ما وراء هذه الأنثى
أخيراً نطقت ودار بيننا هذا الحوار
قالت لي : ماذا تريد مني ؟؟؟؟؟
أجبتها: -لا شيء
بتعجب قالت : لماذا مسكت يدي وأجلستني على طاولتك ؟؟
ببرود أجبتها : لأني أريد ذلك
قالت : ما السبب ؟؟؟
قلت : فقط .. لأني أريد ذلك
بغضب صرخت : سحقاً لك هل تعرفني لكي تفعل ما فعلت ؟؟
قلت لها : وهل من الضروري أن أعرفك ؟
قالت : من أنت ؟؟
أجبتها : الملك
قالت : ما شأنك بي
قلت : لا شيء
قالت : دعني أذهب
مسكت يدها قائلاً : لا أظن أنك تريدين أن تجربي الألم في كسر يديك مرة أخرى؟
ثم أنت على طاولتي فأنا من يسمح لك بالذهاب أليس هذا من الذوق ؟؟
قالت : ماذا تريد مني ؟
أجبتها : لماذا تحاولين الانتحار بالزرنيخ أو السيانيد ؟؟؟
قالت : ما شأنك أنت ؟؟؟
قلت : قصدت أن هناك طرق أسهل وأرقى للانتحار
بعصبية قالت : أتهزأ بي ؟؟
ببرودي المعتاد أجبتها : لا.. لكني أحاول أن أساعدك !!
بذهول أجابت : تساعديني على الانتحار ؟؟؟
بسخرية قلت لها : لا ... أساعدك على تجنب الألم في وقت الانتحار
تساءلت : أنت مجنون ؟؟؟
فرددت عليها بسؤال : وماذا عنك أنت ؟؟ عاقلة وتحاولين الانتحار ؟؟
أردفت : لا شأن لك بي دعني أذهب
وصل النادل حاملاً فنجان قهوة التركية
فأشرت إليها بأن القهوة لها وضعها ثم انصرف
بتعجب قالت : من قال لك أني أريد قهوة ؟؟
أجبتها : أنت طلبتها قبل قليل
قالت : أريدها سادة بدون سكر
قلت : ومن قال لك أني طلبتها بسكر
ارتشفت منها رشفة من شفتيها الصغيرتين
كانت أجمل شفتين تراهما العين
قالت بحيرة : وما يدريك أني أشرب قهوتي سادة ؟
أجبتها : لأنك لو تشربينها بالزيادة لأخبرت النادل قبل قليل
بعصبية قالت : سحقا لك !!! كنت تسترق السمع إذن ؟
ببرود قلت لها : لا .. صوتك وصل إلى حدود الصين وأنت لا تشعرين
سألتها : هل تدخنين ؟؟
أجابت :- لا... التدخين مضر بالصحة ألا تعلم هذا ؟
بسؤال ساخر أجبتها : أها .. مضر بالصحة ! وماذا عن الزرنيخ و السيانيد !؟
بغضب قالت : ماذا تقصد ؟؟؟ اسمع لا تستفزني أكثر ! سأتركك وأذهب .....
قاطعتها قائلا:
لماذا تكرهين الحياة ؟
ما الذي يدفعك للتخلي عن الروح من أجل ألم الحياة ؟
وما ذاك الألم الذي يجعلك تنسلخين من وجودك في الحياة ؟
أجهشت بالبكاء وقالت:
أنت لا تعرف شيئا لقد أحببته من كل قلبي
وهبته عقلي وفكري وقلبي
أعطيته كل شيء حتى لم يبقى لي شيء
هل تعي ما مقدار ما أعطيته ؟
وفي النهاية ماذا حدث ؟؟ تركني
تركني وأحب صديقتي تصور صديقتي
أنتم الرجال لا أمان لكم في الحب
لا أمان لكم في كل شيء فلماذا أعيش ؟
ومن أجل من أبقى في هذه الحياة حبيبي أم صديقتي ؟
كنا نجلس على تلك الطاولة هناك نتبادل الحب والغرام
والعشق والهيام كان اللئيم يكذب علي .
لو كان صادقاً في حبه لما تركني .
ما زالت تبكي...
بكل برود قلت لها: أنت فعلاً حمقاء غبية
رفعت وجهها ونظرت إلي بغضب شديد وكأن حمم براكين من عينيها تفيض وقالت:
هل أنت مجنون ؟؟ كيف تنعتني بهذه الألفاظ الدنيئة ؟؟
أجبتها بحزم:
لأنك فعلاً كذلك ، لو كنت حاذقة ذكية
لعرفتِ أن لا شيء في الحياة يسوى كل هذه السوية
الحياة لا تتوقف عند نهاية قصة مأساوية
أو غدر أو خيانة في ليلة سرمدية.
هدأت قليلاً... ومضت ترتشف قهوتها
قالت لي بعد أن شعرت بأني أنظر إليها:
لماذا تنظر إلي هكذا ؟؟ أحذر فقد كان لي ألف قتيل بعشقي
أجبتها بثقة : لكنك قبل قليل كدت أن تكوني أنت قتيلة رجلٍ مثلي
صمتت فلم تعرف ماذا تقول ...
اطمأنت إلي على ما يبدو فعاجلتني بسؤالين :
أخبرني من أنت ؟؟ وما حكايتك ؟؟؟
أجبتها دون تردد:
أنا الملك وحكايتي مثلك
كانت تجلس حيث أنت الآن
كانت مثلك أبادلها الحب والعشق والهيام
وأرتقي بها نحو الغمام
وأذوبها بسحر همسي فأفقدها الزمام
وأطوقها بصدري كطوق الحمام
وأُغني لها أغنية كي تنام
حبنا كان وئام بوئام
تركتني... هجرتني ... إلى صدر رجلٍ أخر غافلتني
وحيث أجلس هنا جالستـُه يوماً وحلفت له بأن لا رجلاً غيره في قلبها
وحين اكتشفت الأمر تركتها لكني لم أفكر في الموت لأجلها
و حفظت ودادها وذكرى أيام معها عِشتـُها
فشرعت في كل خميس أجلس أتذكر عهدي وليس عهدها
حين بالحب آمنت وصدقتها
ضحكنا بعفوية ، فنحن أسوأ عاشقين في البشرية
وكيف للأقدار أن تجمع قلبين حطمتهما رياح غدرٍ قوية
على ظلال دخان سيجار كوبية وعلى نكهة قوية تركية
في لحظة انسجام عاطفي نسيتْ هي حبيبها ونسيت أنا حبيبتي
فمدت يدها فمددت يدي وتشابكت أصابع اليد باليد
وتلاقت العيون الند بالند ...
نظرت إليها فإذا هي تترنح ثملةً من لحظات عشق لم تكتمل
ومشاعر جنون لا تحتمل
لا أعرف اسمها لكي أناديها
لكني قلت لها آنستي:
يبدو أننا قد نسينا نفسنا
انظري قد تفرق البشر من حولنا
لم يبقى إلا الظلام يضمنا
وتلك الشموع ستموت لا من لهيب نارها بل من لهيب ما جرى بيننا
أمسكت بيديها و أوقفتها ، ونقدتُ النادل بكل ما في محفظتي
لا أعرف كم ؟ لكن من بريق عينيه عرفت أني قد نقدته
ما يكفي لجعله يترك عمله لمدة أشهر طويلة دون أن يحتاج لدرهم واحد.
في منتصف الطريق توقفت ونظرت إلي وقالت:
( أحبك فلا تسألني ما الدليل فهل سمعت رصاصة تسأل القتيل )
ضممتها ومضينا بعيداً عن المقهى والنادل الذي ظل يحلم بيوم خميس جديد
لكنه بكل آسف لم يأتي ذاك الخميس فقد كان آخر يوم أدخل فيه مقهى هافانا
(( الملك ))
[RAM]http://www.ozq8.com/ram/eng/music-slow/17.ram[/RAM]
[/C]
التعديل الأخير بواسطة المشرف: