راعي شما
๑ . . مراقب برزات قبيلة الشحوح. . ๑

حصل الشاعر الأردني، الزميل أمجد ناصر على جائزة ابن بطوطة لأدب الرحلة، والتي يمنحها المركز العربي للأدب الجغرافي - ارتياد الآفاق، ومقره أبو ظبي ولندن.

وكان ناصر قد فاز بجائزة ابن بطوطة لأدب الرحلة في دورتها الجديدة مع عدد من الكتاب - أربعة جزائريين وثلاثة مغاربة ومصريان وسعودي ويمني وعراقي وسوري - وهي تمنح سنويا منذ العام 2003 في خمسة فروع هي تحقيق الرحلات والدراسات في أدب الرحلة والرحلة المعاصرة والرحلة الصحافية واليوميات. وكانت الأعمال الفائزة جاءت من بين 130 مخطوطا من 14 بلدا عربيا، وستنشر بالتزامن مع توزيع الجوائز في افتتاح ندوة الرحالة العرب والمسلمين، أواسط العام المقبل، وسيعلن عن مكان عقدها في وقت لاحق والتي تهدف إلى تشجيع أعمال التحقيق والتأليف والبحث في أدب السفر وتشجيع المحققين والدارسين العرب الانخراط في مشروع ريادي عربي دعا الثقافة العربية ونخبها المثقفة إلى المشاركة في مشروع علمي لقراءة الذات العربية المعاصرة من خلال البحث في علاقتها بالآخر عبر عصور من السفر والتفاعل مع الغريب والمدهش والمفاجئ

وكانت النصوص التي فاز بها ناصر هي: الخروج من ليوا، ورحلة في ديار الشحوح. وقال ناصر أن الخروج من ليوا، هو عبارة عن رحلة في تاريخ وحاضر ومستقبل إمارة أبو ظبي، وقد بدأت هذا الكتاب وهو مخطوط لم ينشر بعد من واحة ليوا وهي من الواحات القليلة التي تقع في صحراء الظفرة التي تعتبر امتداد للربع الخالي فمن هناك من تلك الواحة التي تتوافر على بضع آبار من المياه ومجموعة من أشجار النخيل انطلق الرواد الأوائل من قبيلة ( بني ياس) ليستكشفوا ذلك المكان غير المأهول الذي كان يدعى جزيرة (مليح) والتي ستصبح لاحقا أبو ظبي وهذه الجزيرة لم تكن مأهولة لندرة المياه العذبة فيها ولكن مع اكتشاف بئر ماء عذب أصبح بالإمكان وضع أول استيطان من قبيلة بني ياس على ذلك الساحل.

ثم يتناول الكتاب بعد ذلك النقلة الدراماتيكية التي حدثت في حياة ذلك المجتمع البدوي الصغير بعد اكتشاف النفط في منتصف أربعينات القرن الماضي . ويحتوي الكتاب إطلالة واسعة على الحياة التي ترتبت على اكتشاف النفط في إمارة أبو ظبي سواء على مستوى العمران أو على مستوى الاجتماع والثقافة والسياسية ومن بين النقاط التي يتوقف أمامها الكتاب الخلل في التركيبة السكانية للإمارة وهو ما يعتبر علامة فارقة في حياة الإمارات العربية اليوم حيث يشكل السكان الأصليون نسبة قد لا تتجاوز 20% من مجموع السكان.
ينقل النص بصورة فنية وأدبية مجمل تفاصيل المكان وحياة الإنسان ويتوقف أمام الأثر الثقافي لهذا المكان المتمثل في الشعر النبطي الذي يكاد يكون المنجز الثقافي الوحيد حيث لم يترك الأولون عمران واضح وذلك بسبب طبيعة المكان الصحراوية حيث أن من الصعب أن تترك أثرا ماديا ملموسا على الرمال.

أما النص الآخر رحلة في ديار الشحوح هو رحلة في ثنايا ذلك المكان الوعر الذي تسكن فيه قبائل الشحوح الذين اختلفت الروايات في تحديد وتأصيل نسبهم وذلك على الأغلب بسبب لسانهم ومعجمهم المختلفين عما هو سائد فيما يسمى دولة الإمارات العربية اليوم . يتمركز الشحوح في إمارة رأس الخيمة وتحديدا تحت رؤوس الجبال وهي منطقة شديدة الوعورة والتضاريس وتختلف عن المكان شبه الصحراوي لدولة الإمارات العربية وهناك أيضا إنتاج ثقافي وحياتي مختلف لهؤلاء القوم يتمثل في فلكلورهم الشعبي وأغانيهم ومجمل إنتاجهم الثقافي كالحلي والأزياء وأدوات المعيشة.

وعن سبب البحث في تاريخ تلك المنطقة يقول ناصر: لقد استفزني قول لأحد المستشرقين الذين رابطوا طويلا على ساحل الخليج يتناول الشحوح بالقول أنهم قوم غريبوا الأطوار فانا حاولت أن أتبين ماهو وجه الغرابة في حياة وسلوك وقيم هؤلاء القوم فلم اكتشف فعلا تلك الغرابة التي بدت أنها مجرد نظرة استشراقية متعجلة أو كنوع من الثار من هؤلاء القوم الذين قاوموا المشروع البريطاني في الخليج الذي عمل على تامين ذلك الشريان الحيوي لتجارتهم في الهند وهذا الأمر ينطبق على القواسم الذين يرد وصفهم في الوثائق البريطانية كقراصنة والواقع أن القراصنة فعلا هم الذين جاءوا من تلك البحار البعيدة والمظلمة ليبسطوا نفوذهم على الخليج العربي.

وعما تمثله هذه الجائزة للشاعر قال: أرى أن الجائزة بوصفها تشجيعا لهذا النمط من الكتابة الأدبية العربية الذي ينبعث من سبات قديم ألا وهو أدب الرحلات كما أراها بوصفها اعترافا بانكبابي على هذه الكتابة التي طالما شغفتني وشكلت بالنسبة لي منافسا حقيقيا للشعر.
وعن جديد الشاعر ناصر قال: سيصدر قريبا عن وزارة الثقافة الأردنية في إطار مشروع التفرغ الإبداعي بعنوان فرصة ثانية وهو نص مركب وماكر في تجنيسه يتناول جانبا من المكان الأردني بصيغة شعرية وسردية لم اكتبها من قبل على هذا النحو.
وعن مدينة الزرقاء مدينة الثقافة الأردنية للعام القادم، والذي تتلمذ الشاعر في زقاقها، يؤكد أن هذه المدينة تستحق الاحتفاء ويقول: بحكم وجودي في الخارج لم أتابع بالتفصيل تطبيقات هذا المشروع الجميل المسمى المدن الثقافية . الفكرة بحد ذاتها رائدة وذلك بسبب تداولها للنشاط الثقافي الأردني خارج المركز بمعنى إشراك المدن الأخرى في المنجز الثقافي الأردني العام وليس الاقتصار على عمان التي تكاد أن تبتلع كل النشاط الحيوي في البلاد ولكن هناك شكوى من مثقفي هذه المدن بضعف الأداء العام لهذا المشروع. أما بالنسبة للزرقاء فلها موقع خاص في حياتي ففيها كانت طفولتي الواعية وعلى مقاهيها وبسطات كتبها بدأت أولى خطواتي في الشعر والثقافة عموما كما أن للزرقاء هي المدينة التي قدمت عددا كبيرا من المبدعين من تيسير سبول وهند ابو الشعر وفخري قعوار ويوسف ضمرة والأخوة عبدالحق وصولا إلى اصغر شاعر يصعد الآن إلى مقر نادي أسرة القلم الثقافي، اظن أن مدينة كهذه تستحق الاحتفاء وأمل أن تكون السنة القادمة أكثر تحررا من القيود الإدارية كي يكتسب هذا المشروع المدينة الأردنية الكبيرة هذه بعده الثقافي الحقيقي.
للمزيد من مواضيعي
التعديل الأخير: