ـ 35 ـ
جُهد المُقِل
قرأت في بعض الكتب أن أحد الفضلاء كان يحكي هذه القصة عن نفسه فيقول :
كنتُ أبعث خادمةً تشتري لي برتقالاً في أيام مختلفة
فلاحظتُ أنها تحضر كمية منه تزيد نصف كيلو عن المطلوب والثمنُ واحد !
وتكرر هذا بصورة ملفتة ، فرأيتُ أن أتتبع الأمر ، فذهبتُ إلى البائعة ـ وهي امرأة فقيرة ـ
فقلت لها : إن فلانة الخادمة تأخذ منك كمية من البرتقال أكثر من الوزن المطلوب
فقالت البائعة في هدوء : فلانة امرأة فقيرة ، وتربي أطفالاً ، فإذا اشترت مني شيئاً فأنا أعطيها فوق ما تطلب بكثير
نحن الفقراء يجب أن يستر بعضنا بعضا !
لقد ظنت البائعة أن الخادمة تشتري البرتقال لأولادها ، فجعلت تعطيها أكثر من حقها
ولم تُشعرها بما تفعل كي لا تقع في الحرج
قلت في نفسي حين قرأت هذه القصة :
يا الله ، بائعة محرومة لا تبلغ ما يقوم بها أودها إلا بالكد والنَّصَب ، تعرف المشترية المسكينة
فتتصدق عليها دون أن تُشعرها بالفضل ، وترى ذلك واجباً عليها يتكرر كلما حضرت للشراء !
وفي الأغنياء من تمتد إليهم الأيدي المحتاجة سائلةً بعض القوت ، فلا تجد غير الطرد والازدراء
فهل يتعلم أهل اليُسر والثراء ?!!
عندما أمسك المصحف الشريف وأستهل بقراءته،،،،،
وكعاتي أستهله بأم الكتاب،ومن ثم سورة البقرة أقربها إلى قلبي،،،،
إلى أن تستوقفني الآية في قوله تعالى:
( ...}(73){"[mark=#000000]ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة
أو أشد قسوة وإن من الحجارة لما يتفجرمنه
الأنهار وإن منها لمايشقق فيخرج منه الماء وإن
منها لمايهبط من خشية الله وماالله بغافل عماتعملون[/mark]"...)،،
المتأمل لهذه الأية الكريمة حتمآ ستتجلى لناظريه ووجدانه
المعنى العميق لها،، حيث شبه الله تعالى قلوب الناس
بالحجارة وفي نفس السياق ضرب المثل في لين الحجارة
مقارنة بقلوب بعض البشر،،فالحجارة مهما قست ينبثق منها الماء والنبات ،،،
فعلآ إنه لتشبيه بليغ هذه هي بلاغة القرآن الكريم وهذا هو الهدى
والنور المبين اللذين نرتشفهما حين نهم بتلاوته،،،
ـ 36 ـ العيــد
ساعات ويُظِلنا عيدٌ مبارك ، يُحرك العواطف ، ويبعث الشعور ، ويُحس المسلم معه بِهِزةٍ تنال عِطفيه
وانتفاضةٍ تشمل قلبه ونفسه ، فالأعياد تتسم بالسعادة والحبور ؛ لأنها تأتي في أعقاب فوز وطاعة
ولا عيب على المؤمن إذا أخذ حظه من الفرح في مواطن البهجة ، أو أبدى جذَلَه في مقامات السرور
الله جل جلاله يعود علينا بالآلاء و الخيرات ، فلنعد إليه بالصالحات والقربات ، والزمان يعود علينا بالربيع المورق
فيجب أن نعود إليه بالأمل الباسم ، والحياة تُعطينا فيجب أن نُعطيها ، وما استحق الحياة من عاش لنفسه فقط